شئ آخر يستوقفنا هو ما كشف عنه الله سبحانه وتعالى عن الحس .. القرآن يلمس هنا حقيقة كونية هامة .. لأنه يأتي ويعلمني كيف أعرف منافذ الحس .. أو مواضع الحس .. وهو يأتي ليمس هذا على أنه حقيقة كونية .. ولكنه لا يشرحه ككتاب طبي .. بل يقول الحقيقة .. فعندمل يتحدث عن الكفار الذين يعذبون في النار .. يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النساء:
(كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ) [سورة النساء]
أي أن الله سبحانه وتعالى قد حدد لي حكمة تبديل الجلد أو تغييره بأنه ليذيقهم العذاب .. إذن فالإذاقة حسب القرآن محلها الجلد ..
نأتي الآن إلى الحقيقة العلمية التي تؤكد لنا أن كل أعصاب الإحساس موجودة .. تحت الجلد مباشرة .. وإن هذه الأعصاب التي تشعر بالألم وتجعل الإنسان يحس به وتنقله إلى المخ .. مكانها تحت الجلد مباشرة .. إذن قول الله سبحانه وتعالى:
"بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب" ..
اعلان لحقيقة كونية يمسها الله في القرآن .. وهي أن الإحساس يتم بأعصاب موجوده تحت الجلد مباشرة .. وإن الله كلما أراد أن يذيق الكفار العذاب بدل جلودهم التي احترقت وماتت فيها أعصاب الإحساس بجلود سليمة لم تحترق ليذوقوا العذاب مرة أخرى .. فحينما يأتي الطب ليقول لنا أن أعصاب الجسم تحت الجلد مباشرة .. نقول إن الله سبحانه وتعالى قد أخبرنا بهذا الحقيقة في القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرنا ..
على أن نواحي الإعجاز في القرآن الكريم لا تقتصر على ما ذكرت لكن هذه بعض أمثلة بسيطة .. ولقد تحدثت في الفصول الماضية إن الله سبحانه وتعالى قد قال سيروا في الأرض .. ولم يقل سيروا على الأرض .. وبينت الإعجاز في ذلك بأننا نسير فعلا في الأرض .. بين الغلاف الجوي والسطح .. كما بينت معنى الآية الكريمة "رب المشارق والمغارب" .. وهذا كله يعتبر اعجازا هائلا للقرآن الكريم .. وهناك نواحي إعجاز أخرى سنبين بعضها فيما بعد ..