و مما يؤخذ عليه استطرداده في تفسيره بلا حدود, و الإستطرداد قد يحسن في بعض المواضع, و لكنه في غالبها مذموم. و قد جره ذلك إلى الإفراط في النقل, فنقل كثيرا من القصص الذي لا أصل له في الكتاب و السنة, أو له أصل, و لكن شوهته الزيادات و الإستطردادات, من المحرفين.
و انتخب تفسيره من تفسير البغوي, و نموذج البغوي نوذج حي للتحرير و التدقيق.. لقد جرد فسير الثعلبي من الموضوعات و الأراء البعيدة عن الصواب. يقول ابن تيمية:"و كان الثعلبي حاطب ليل ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح و ضعيف و موضوع", و البغوي تفسيره مختصر من الثعلبي, لكنه صان تفسيره من الأحاديث الموضوعة و الأراء المبتدعة.. لقد انطلق الخازن مع زياداته, و لك يكتف بالأخذ عن البغوي, و إنما أضاف إليه من غيره.. و يبدو أنه أرجح ما تركه البغوي فحشا به كتابه..
و يظهر لنا هذا الإستطرداد في تفسيره لسورة الكهف مثلا, حيث ذكر قصة أصحاب الكهف. و نقل رواية محمد بن اسحاق و محمد بن يسار, و نقل رواية أخرى عن عبيد بن عمرو, و استغرق هذا من التفسير ثماني صفحات من القطع الكبير.. و كثير مما ذكره إن لم يكن كله- فيما يتصل بهذا الموضوع- لا أساس له من الصحة.
على أنه إذا كان ينقل هذه القصص فإنه يتحرى في كثير من الأحايين فيما يتصل بعصمة الأنبياء من أحاديث و روايات. إنه يذكرها ثم يعقب عليها بالنقد و التفنيد.
ففي مجال الحديث عن داود عليه السلام مثلا- ذكر القصص التي ليست بصحيحة بالنسبة إلى سيدنا داود عليه السلام, ثم عقب عليها بفصل عنونه بقوله:(فصل في تنزيه داود عليه السلام عما لا يليق به و ينسب إليه). و نقد في هذا الفصل الروايات التي تمس عصمة داود عليه السلام.
و الخازن يعقب-أحيانا- على ما يرويه من قصص مبينا درجتها من الصحة و الوضع, على أن هذا التفسير-مع ذلك- لم يخل من كثير من القصص التي تحتاج إلى تحرير.
و مع النقد لابد من ذكر المحاسن:
لقد امتاز تفسير الخازن بالإشارة إلى مصادر الأخبار, و بعض الإستطردادات فيه طريفة فمثلا في تفسير قوله تعالى:( فتبسم ضاحكا من قولها و قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي و على والدي و أن أعمل صالحا ترضاه و أدخلني برحمتك في عبادك الصالحين)(1) يستطرد إلى ذكر ضحك الأنبياء فيقول:
قيل: أمثر ضحك الأنبياء تبسم.
و قيل: معنى ضاحكا: متبسما.
و قيل: كان أوله التبسم و آخره الضحك.
و عن عائشة –رضى الله عنها-قالت:ما رأيت النبي-صلى الله عليه و سلم-مستجمعا قط ضاحكا حتى أرى منه لهواته, و إنما كان يتبسم.