قال تعالى:
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5)) سورة الكهف
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ):أثنى الله سبحانه و تعالى على نفسه بإنعامه على خلقه, و على عباده كيف يثنون عليه و يحمدونه على أجزل نعمائه عليهم و هي الإسلام. و ما أنزل على عبده محمد- صلى الله عليه و سلم- من الكتاب الذي هو سبب نجاتهم و فوزهم, و خص رسوله-صلى الله عليه و سلم- بالذكر, لأن إنزال القرآن كان نعمة عليه على الخصوص و على سائر الناس في العموم.
(وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا):أي لم يجعل له شيئا من العوج قط, و العوج في المعاني كالعوج في الأعيان. و المراد نفي الإختلاف و التناقض عن معانيه, و قيل: معناه: لم يجعله مخلوقا.
روي عن ابن عباس في قوله تعالى:( قرآنا عربيا غير ذي عوج). قال:غير مخلوق.
(قَيِّمًا):أي مستقيما, و قال ابن عباس:عدلا, و قيل: قيما على الكتب كلها مصدقا لها و ناسخا لشرائعها.
(لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا):معناه لينذر الذين كفروا بأسا شديدا, و هو قوله سبحانه و تعالى:(بعذاب بئيس) الأعراف 165.
(مِنْ لَدُنْهُ): أي من عنده.
( وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا): يعني الجنة..
(مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا): أي مقيمين فيه أبدا..
(وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ):أي بالولد بإتخاذه: يعني أن قولهم لم يصدر عن علم, بل عن جهل مفرط فإن قلت: اتخاذ الله ولدا في نفسه محال.. فكيف قيل: ما لهم به من علم! قلت:انتفاء العلم قد يكون للجهل بالطريق الموصل إليه, و قد يكون في نفسه محالا لا يستقيم تعلق العلم به..
(وَلَا لِآبَائِهِمْ): أي ولا لأسلافهم من قبل.
(كَبُرَتْ): عظمت.
(كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ): أي هذا الذي يقولونه لا تحكم به عقولهم و فكرهم البته لكونه غاية في الفساد و البطلان.. فكأنه يجري على لسانهم على سبيل التقليد..
(إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا):أي ما يقولون إلا كذبا.