فإذا أخذنا خلق الإنسان مثلا.. فإننا نأخذ هذا الخلق عن الله.. الذي خلق.. ماذا قال الله سبحانه و تعالى قال خلقتك من تراب.. و قال من طين.. و قال من حمأ مسنون.. و قال من صلصال كالفخار.. هذه ليست تناقضات في الخلق.. أو تناقضات في مادة الخلق نفسها.. و هي التراب.. بل إن الله سبحانه و تعالى يبين لنا أطوار هذه المادة من التراب إلى الطين إلى الحمأ إلى الصلصال.. إنها المراحل التي مر بها خلق الجسد البشري من تراب إلى ما قبل النفخ فيه.
(مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51)) سورة الكهف
ما معنى كلمة "مضل".. كلمة مضل تعطي أن هناك قضية حق و أن هناك إنسان يريد أن يضللني و يعطيني عكس القضية.. أي يعطيني غير الحقيقة و هو الضلال.. هذا هو معنى مضل.. إذن قول الله تعالى:
(وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا)
أي أنني في ساعة الخلق لم أطلب العون أو المساعدة أو المشورة.. أو النصيحة.. من هؤلاء المضلين.. و إلا لو كان حدث ذلك.. ثم جاؤكم يخبرونكم كف تم خلق السموات و الأرض.. و كيف خلقتم أنتم.. لكان لكم العذر في تصديقهم.. و لكن ماداموا لم يشهدوا الخلق.. و لم أطلب معونتهم.. فإن ما سيقولونه لكم غير واقع.. غير صحيح.. إنه إضلال.. و هذه معجزة من معجزات القرآن.. فقد قال لنا الله.. أنه سيكون هناك مضلون.. و أن هؤلاء المضلين سيحاولون أن يقولوا لكم غير الحق في قضية خلق السماوات و الأرض.. و في قضية خلق الإنسان.. فر تصدقوهم لأني لم أستعن بهم ساعة الخلق.. و لم يكونوا موجودين.. إذن لو لم يحدث أن جاء أناس يضلون عن سبيل الله.. لقلنا أن القرآن غير صحيح.. لأنه أين المضلون... و لو وجد المضلون و تناولوا قضية أخرى غير خلق السماوات و الأرض.. و خلق الإنسان.. لقلنا إن القرآن غير صحيح.. لأنه لا يوجد من يضل عن سبيل الله و لكنه لا يتناول فيما يقوله قضية خلق السماوات و الأرض.. أو خلق الإنسان..
و لكن كون المضلين جاءوا و مونهم تحدثوا عن قضية خلق السماوات و الأرض و خلق أنفسهم.. و هل المادة قبل الروح أم الروح قبل المادة.. و قانون الصدفة و نظرية دارون إلى أخر هذا الكلام.. كون هؤلاء جاءوا.. و كونهم تناولوا قضية خلق السماوات و الأرض و خلق الإنسان فهذا إثبات لما جاء في القرآن عنهم.. و كأن هؤلاء المضلين الذين جاءوا ليصدوا عن سبيل الله.. إنما قدموا خدمة كبيرة للدعوة الإسلامية و القرآن..بأنهم أثبتوا بكفرهم صحة القرآن و صحة آياته..أترى إعجازا أكبر من ذلك.. يستخدم الله الكفار الذين يضلون عن سبيله.. و يحاولون تكذيب القرآن.. يستخدمهم الله سبحانه و تعالى ليقوموا و هم لا يدرون بإثبات صحة الدين الذين يحاولون أن يهدموه و بإثبات وجود الله سبحانه و تعالى.. و هم يريدون أن ينكروه.. قيقول في قرآن نزل منذ أربعة عشر قرنا.. أن هناك من سيأتي ليضل عن سبيل الله.. و يتخذ من قضية خلق السماوات و الأرض و الإنسان مادة لهذا الإضلال و كل ما سيقولونه هو غير الواقع.. و أنا أنفي من الآن ما سيقولونه بعد مئات.. أو ألوف السنين.. و أقول لكم أنه غير صحيح..
إذن فكون هؤلاء المضلين جاءوا إثباتا للقرآن.. و كون أنهم قالوا غير الحق و لم يستطيعوا أن يدللوا عليه علميا.. وأخذوا يطلقون نظرياتهم.. كل نظرية تهدم الآخرى.. و هم يجتهدون في محاولة هدم منهج الله.. و نحن نقول لهم إنكم تثبتونه.. لأن الله أخبرنا عنكم في القرآن منذ أربعة عشر قرنا.. و قال إنكم ستأتون و تفعلون كذا و كذا في محاولة لتضليل الناس.. و هدم القرآن.. أترى الإعجاز في استخدام الكفار لتثبيت قضية الإيمان في الكون..
الرئيسية 
البوابة 
أحدث الصور 
التسجيل 
دخول صحف ومجلات خليجية البوابة 2 
الإثنين يناير 16, 2012 7:09 am