نماذج منه
=======
و لكي نقدم نماذج من هذا التفسير سننتقي بعض الآيات الكونية, و بعض الآيات الإجتماعية و الأخلاقية لتتكشف لنا معالم هذه التفسير
قال تعالى:
(إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱلْفُلْكِ ٱلَّتِي تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن مَّآءٍ فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَاحِ وَٱلسَّحَابِ ٱلْمُسَخَّرِ بَيْنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) سورة البقرة آية 165.
يقول الشيخ في تفسيرها: لقد شرحنا هذه الآية في كتاب (التاج المرصع) و أبنا كيف أبانت نظام العالم العلوي و السفلي و ارتباطهما و تعاشقهما؟ و كيف بدأ بالفلك. و ثنى بعلم الطبيعة, و جعلها منظمة كإنسان واحد و حيوان واحد و نبات واحد, فترى كل كائن مستمدا من سواه.
ثم تحدث عن اختلاف الليل و النهار تبعا لحركة الشمس, و اختلاف الحرارة و البرودة و الرياح, فتتساقط من السماء تبعا لنواميس الحرارة و البرودة المسخرين لناموس الأفلاك, و سير الشمس في البروج, فتنشأ ممالك النبات و الحيوان و الإنسان من ذلك الماء, و تهب الرياح فتسير السفن كما تسير السحب, و لكل قوانين في سيره: فالسفن لا تتجاوز ما رسم الملاحون في رسومهم من الخطوط البحرية, و السحب لا تتعدى طريقها المرسوم بالقوانين الطبيعية رحمة بالناس.
و هذا جميعه مرتبط بالعلويات.. و كيف تسير السفن إلا بالقوانين البحرية المستخرجة من علم الأفلاك, و مراقبة الأطوال و العروض و النجوم و سير الشمس و قانون المغناطيسية و نحو ذلك.
ثم صور ارتباط هذه القوانين بجدول, و قال: إن ذلك يفيد تناسق العالم كرة واحدة و شكلا واحدا يستمد الأسفل من الأعلى, و يمد الأعلى الأسفل, و بين أن هذا التناسق و الأنسجام في عالمنا يدل على أن نهج العالم الأخروي على هذه النمط.
ثم عقد مقارنة بين دوران الرياح و حركات المياه و دوران الشموس و الكواكب و بين دوران الدم في أجسامنا, و استخلص نتيجة هامة و هي: أن العالم كإنسان واحد و حيوان واحد له رأس و أعضاء رئيسية و مرءوسة( ما خلقكم و لا بعثكم إلا كنفس واحدة) سورة لقمان آية:28. و كما أن للجسم مدبرا واحدا فإن للعالم بإرتباط أجزائه و استمداد بعضها من لعض مدبرا واحدا دل عليه قوله تعال:( و إلهكم إله واحد) سورة البقرة آية 163.
و استفاض بعد ذلك في إسهاب يتحدث عن اختلاف الليل و النهار و درجات التفاوت بينهما, و عقد جدولا لذلك و قام بشرحه, و ضرب أمثلة عليه زيادة في التوضيح..
و انتقل من العلم إلى السياسة و الدراسات الإجتماعية: فتحدث عن أنه كما يختلف الليل و النهار بالزيادة و النقصان تختلف الدول بالرفعة و العفة..
و تحدث عن كتاب خطي يبين أن التقاليد المصرية في الكشف الحديث قديمه يرجع تاريخها إلى ما قبل ثلاثن قرنا فأكثر, و تحدث عن السفن و أنواعها و عن السمك و أصنافه, و قارن بينهما, و تحدث عن كثير من مسائل الكيمياء العضوية في النبات, و قارن بين نباتات مختلفة, و عن المادة و بساطة أصلها و تعقدها و تعدد ألوانها, و عن أصل المادة و اختلاف العلماء في ذلك.
ثم ذكر أصنافا متعددة من النبات و الحيوان موضحا لها بالرسوم مشيرا إلى عجائب مثيرة في نماذج معينة من كلا النوعين, و تحدث عن السحاب و الزوابع و السفن البخارية و القوى الكهربية المتولدة عن الطاقة المكانيكية التي تحرك الآلات بسرعة, و قد تتسبب عن اندفاع الماء كما في سد سوان..
و استغرقت هذه الرحلة المدهشة عشرين صفحة كاملة. و قد قدم بين يدي رحلته تفسيرا لفظيا مبسطا فيه كثير من الوضوح