ميلاد النبي محمد صلي الله عليه وسلم الزمان والموعد -‏2‏

عن الحكمة في اختصاص ميلاده بيوم الاثنين وبفصل الربيع يقول أبو عبدالله ابن الحاج في المدخل‏(27/2):

أولا‏:‏ ما ورد في الحديث من أن الله تعالي خلق الشجر يوم الاثنين‏(‏ صحيح مسلم‏),‏ وفي ذلك تنبيه عظيم‏,‏ وهو أن خلق الأقوات والأرزاق والفواكه والخيرات التي يتغذي بها بنو آدم ويحيون ويتداوون.
وتنشرح صدورهم لرؤيتها وتطيب بها نفوسهم وتسكن بها خواطرهم عند رؤيتها لاطمئنان نفوسهم بتحصيل ما يبقي حياتهم علي ما جرت به العادة من حكمة الحكيم سبحانه وتعالي‏,‏ فوجوده صلي الله عليه وآله وسلم في هذا الشهر في هذا اليوم قرة عين بسبب ما وجد من الخير العظيم والبركة الشاملة لأمته صلوات الله عليه وسلامه‏.‏

ثانيا‏:‏ فصل الربيع فيه تنشق الأرض عما في باطنها من نعم المولي سبحانه وتعالي وأرزاقه التي بها قوام العباد وحياتهم ومعايشهم وصلاح أحوالهم‏,‏ فينفلق الحب والنوي وأنواع النبات والأقوات المقدرة فيها‏,‏ فيبتهج الناظر عند رؤيتها وتبشره بلسان حالها بقدوم ربيعها‏,‏ فمولده عليه الصلاة والسلام في شهر ربيع فيه إشارة ظاهرة من المولي سبحانه وتعالي إلي التنويه بعظيم قدر هذا النبي الكريم صلي الله عليه وآله وسلم وأنه رحمة للعاملين وبشري للمؤمنين وحماية لهم من المهالك والمخاوف في الدين‏,‏ وحماية للكافرين بتأخير العذاب عنهم في الدنيا لأجله صلي الله عليه وآله وسلم لقوله تعالي وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم‏(‏ الأنفال‏:33)‏

ثالثا‏:‏ ما في شريعته من شبه الحال‏,‏ ألا تري أن فصل الربيع أعدل الفصول وأحسنها إذ ليس فيه برد مزعج ولا حر مقلق‏,‏ وليس في ليله ونهاره طول خارق بل كله معتدل‏,‏ وفصله سالم من العلل والأمراض والعوارض التي يتوقعها الناس في أبدانهم في زمان الخريف‏,‏ بل الناس تنتعش فيه قواهم وتصلح أمزجتهم‏,‏ وتنشرح صدورهم‏,‏ لأن الأبدان يدركها فيه من إمداد القوة ما يدرك النبات حين خروجه إذ منها خلقوا‏,‏ فكان في ذلك شبه الحال بالشريعة السمحة التي جاء بها صلوات الله عليه وسلامه من رفع الإصر والأغلال التي كانت علي من كان قبلنا‏,‏ قال تعالي الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم‏(‏ الأعراف‏::157)

‏ نسب النبي‏:‏
==========
هو سيدنا محمد صلي الله عليه وآله وسلم‏,‏ ابن عبدالله من آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن حكيم‏,‏ ابن عبدالمطلب من فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة‏,‏ ابن هاشم من سلمي بنت عمرو النجارية‏,‏ ابن عبدمناف من عاتكة بنت مرة السلمية‏,‏ ابن قصي من حبي بنت حليل الخزاعية‏,‏ ابن حكيم من فاطمة بنت سعد‏,‏ ابن مرة من هند بنت سرير‏,‏ ابن كعب من وحشية بنت شيبان‏,‏ ابن لؤي من ماوية بنت كعب‏,‏ ابن غالب من سلمي بنت كعب بن عمرو الخزاعية‏,‏ ابن فهر من ليلي بنت سعد‏,‏ ابن مالك من جندلة بنت الحارث؟ ابن النضر من عاتكة بنت عدوان‏,‏ ابن كنانة من برة بنت مر‏,‏ ابن خزيمة من عوانة بنت سعد‏,‏ ابن مدركة من سلمي بنت أسلم‏,‏ ابن الياس من ليلي بنت حلوان‏,‏ ابن مضر من الرباب بنت حيدة‏,‏ ابن نزار من سودة عك‏,‏ ابن معد من معانة بنت جوشخ‏,‏ ابن عدنان؟ وعدنان يعود نسبه الي إسماعيل النبي ابن إبراهيم النبي عليهما السلام‏.‏
نسب كأن عليه من شمس الضحي‏...‏ نورا ومن فلق الصباح عمودا
ما فيه إلا سيد من سيد‏...‏ حاز المكارم والتقي والجودا

ونسب النبي طاهر شريف من بدايته إلي منتهاه‏,‏ اصطفاه الله من ذرية آدم وإبراهيم عليهما السلام‏.‏
قال اثلة بن الأسقع‏:‏ سمعت رسول الله يقول إن الله اصطفي كنانة من ولد إسماعيل‏,‏ واصطفي قريشا من كنانة‏,‏ واصطفي من قريش بني هاشم‏,‏ واصطفاني من بني هاشم‏(‏ صحيح مسلم‏)‏
وفي رواية للحاكم في مستدركه عن ابن عمر‏:‏ فأنا من بني هاشم من خيار إلي خيار‏,‏ فمن أحب العرب فبحبي أحبهم‏,‏ ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم‏.‏

وعن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله‏:‏ ما ولدني من سفاح أهل الجاهلية شيء‏,‏ وما ولدني إلا نكاح كنكاح الإسلام‏(‏ الطبراني في المعجم الكبير‏)‏
وكان نسب النبي صلي الله عليه وآله وسلم في أشراف العرب‏,‏ وفي البيوت ذات العز والشرف والعدد‏,‏ حتي قيل‏:‏ إن أمه هاجر القبطية أم إسماعيل كانت بنت ملك من ملوك منف‏.‏
وعن سيابة بن عاصم أن رسول الله قال يوم حنين‏:‏ أنا النبي لا كذب‏,‏ أنا ابن عبدالمطلب‏,‏ أنا ابن العواتك أي الطاهرات‏(‏الطبقات الكبري لابن سعد‏)‏
وكان النبي نورا في وجه أبيه عبدالله‏,‏ فكانت امرأة تري نوره في وجه عبدالله فتعرض نفسها عليه‏,‏ فلما دخل بآمنة فحملت برسول الله‏,‏ خرج فلقيها فما عرضت‏,‏ فقال‏:‏ ما لك لا تعرضين علي اليوم ما كنت عرضت علي بالأمس؟ قالت‏:‏ فارقك النور الذي كان معك بالأمس‏.‏
قال تعالي‏:(‏يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا‏(‏ النساء‏:174):‏
وقال‏:(‏ قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين‏(,‏ المائدة‏;15)‏
والنور الذي ظهر وقت ولادته اشتهر في قريش وكثر ذكره فيهم‏.‏
وسأل أبو أمامة رسول الله قال‏:‏ ما كان أول بدء أمرك؟ قال‏:‏ دعوة أبي إبراهيم‏,‏ وبشري عيسي‏,‏ ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت منها قصور الشام‏(‏أحمد في المسند‏,‏ والحاكم في المستدك‏)‏
دعوة إبراهيم قوله‏:‏ ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم‏(‏ البقرة‏:129).‏
وبشري عيسي قوله تعالي‏:‏ ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد‏(‏ الصف‏::6).‏

بقلم: د‏.‏ علي جمعة‏

شكرا