حينما جاء القرآن تحدى في أشياء كثيرة.. تحدثت عنها.. و لكنه في تحديه مزق حواجز الغيب.. مزق حواجز الزمان و المكان.. فحواجز الغيب ثلاثة .. أولها حاجز المكان..أي أشياء تحدث في نفس اللحظة.. و لكن لا أعرف عنها شيئا.. لأنها تحدث في مكان و أنا في مكان آخر..
ثم هناك حاجز الزمن الماضي.. و هو شئ حجبه عني زمن مضى.. فأنا لم أشهده.. و حاجز المستقبل و هو ما سيحدث غدا.. إذن فحواجز الغيب ثلاثة..حاجز المكان.. و حاجز الزمن الماضي.. و حاجز الزمن المستقبل.. على أن هناك حاجزا آخر.. هو حاجز النفس البشرية.. ما يخفيه داخل الإنسان داخل نفسه..
إذا قرآنا القرآن وجدنا أنه يمزق حاجز الزمن الماضي.. ويكفي أن تقرأ في القرآن .. "وما كنت و ما كنت و ما كنت".. لتعرف كم اخبر الله رسوله بأنباء من غيب الماضي..
(و ما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى)..
(و ما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم)
أي أنك لم تكن هناك يا محمد.. و لكن الله هو الذي أخبرك و مزق لك حجاب الزمن الماضي..
( و ما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا)..
(و ما كنت بجانب الطور إذ نادينا و لكن رحمة من ربك)..
و هكذا نرى أن القرآن مزق حجاب الماضي في أكثر من مناسبة ليخبر محمدا عليه السلام بالأخبار الصحيحة عمن سبقوه من الرسل و الأنبياء..
و يصحح ما حرف من الكتب السماوية التي أنزلها الله و حرفها الرهبان و الأحبار..
بل ان الإعجاز هنا جاء في تصحيح ما حدث من تحريف الكتب السماوية التي سبقت القرآن.. و كان محمد-صلى الله عليه و سلم- يتحدى بالقرآن أحبار اليهود و رهبان النصارى.. و يقول لهم هذا من عند الله.. في التوراة أو الأنجيل.. و هذا حرفتموه في التوراة أو الأنجيل.. و لم يكونوا يستطيعون أن يواجهوا هذا التحدي أو يردوا عليه.. ذلك أن التحدي للقرأن في تمزيق حجاب الزمن الماضي.. وصل إلى أدق الرسالات السماوية الماضية.. فصححها لهم.. و بين ما حرفوه منها و ما أخفوه.. و تحداهم أن يكذبوا ما جاء في القرآن فلم يستطيعوا.. و من ذلك قوله تعالى في سورة مريم:
(ذلك عيسى بن مريم قول الحق الذي فيه يمترون)