و قد اشتهر تفسير الجلالين و ذاع صيته و ظهرت-بحق- حاجة العالم الإسلامي إلى مثله من التفاسير. و طبع عدة طبعات مستفلا تارة و على هامش أحد الكتب تارة أخرى. و قام بعض العلماء بكتابة حواش عليه, ففصلوا فيها مجمله, و وضحوا فيها ما منع التركيز من توضيحه, و قاموا باستدراك ما فات مفسريه. و من أشهر هذه الحواشئ حاشية الإمام الصاوي, و فيها لمحات نورانية كريمة, و حاشية الإمام الجمل و فيها إيضاحات لغوبة قيمة. و قد طبعت كل من الحاشيتين و على هامشهما تفسير الجلالين. و لعل صغر حجمه و سهولة إستعماله و كثرة فائدته و دة إقبال الناس عليه يسرت تكرار طبعه.
و الذي يؤخذ على هذه التفسير أنه برغم اختصاره الشديد لم يخل من بعض القصص الذي لا أساس له من النصوص الصحيحة, نلحظ ذلك في تفسير قوله تعالى من سورة ص( وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (25)) لقد ذكر أنهما ملكان جاءا في صورة خصمين لتنبيهه على ما وقع منه, و كان له تسع و تسعون امرأة, و طلب امرأة شخص ليس له غيرها, و نزوجها و دخل بها. و هذه التفسير للآيات الكريمة تفسير خاطئ لا أساس له من الصحة و لا يساير عصمة الأنبياء.
و كذلك في تفسير قوله تعالى - في سورة يوسف-(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ). يقول (همت به) قصدت الجماع ( و هم بها) قصد ذلك. ( لولا أن رأى برهان ربه) قال ابن عباس: مثل له يعقوب فضرب صدره فخرجت شهوته من أنامله و جواب لولا .. لجامعها..
و هو تفسير خاطئ يجرد سيدنا يوسف عليه السلام من أي مقاوة تجاه امرأة تعرض نفسها عليه. و التفسير الذي يناسب الأساس اليقيني و عصمة الأنبياء هو ما قال به المفسر الجليل أبو السعود: المراد هم بدفعها عن نفسه و منعها عن ذلك القبيح..