اسمه:
أحمد بن عبد المنعم بن يوسف بن صيام الدمنهوري.
الميلاد:
ولد بمدينة دمنهور (وهي عاصمة محافظة البحيرة الآن) سنة 1101هـ.
نسبته:
نسب إلى مدينة دمنهور التي وُلِدَ بها.
نشأته ومراحل تعليمه:
كان الإمام الدمنهوري -رحمه الله- يتيمًا، وقدم القاهرة وهو صغير السن، فالتحق بالجامع الأزهر واشتغل بالعلم، وجدَّ في تحصيله، واجتهد في تكميله وأجازه علماء المذاهب الأربعة حتى عرف بالمذهبي، وكانت معرفته بالمذاهب الأربعة أكثر من أهلها قراءة وفهمًا ودراية.
قال عنه الجبرتي: «قدم الأزهر وهو صغير يتيم لم يكفله أحد، فاشتغل بالعلم، وجال في تحصيله، واجتهد في تكميله، وأجازه علماء المذاهب الأربعة، وكانت له حافظة ومعرفة في فنون غريبة وتآليف، وأفتى على المذاهب الأربعة...»(1).
وقد عُرِفَ الإمام الدمنهوري بقوة حفظه، وكانت له معارف في فنون غريبة، كما كانت له معارف عظيمة في سائر العلوم والفنون العربية والدينية، وغيرها كالكيمياء، والطب، والفلك، والحساب، والطبيعة، والعلوم الرياضية، وعلم الإحياء، وعلوم الفلسفة، والمنطق.
ويتحدث الشيخ بنفسه في ترجمة له عن حياته، فيقول: (أخذت عن أستاذنا الشيخ علي الزعتري خاتمة العارفين بعلم الحساب واستخراج المجهولات وما توقف عليها كالفرائض والميقات، وأخذت عنه وسيلة ابن الهائم ومعونته في الحساب، والمقنع لابن الهائم، ومنظومة الياسميني في الجبر والمقابلة والمنحرفات للسبط المارديني في وضع المزاول، وأخذت عن سيدي أحمد القرافي الحكيم بدار الشفاء -بالقراءة عليه- كتاب الموجز واللمحة العفيفة في أسباب الأمراض وعلامتها، وبعضًا من قانون ابن سينا، وبعضًا من كامل الصناعة، وبعضًا من منظومة ابن سينا الكبرى، والجميع في الطب...
أخلاقه:
كان الشيخ الدمنهوري -رحمه الله- كريمًا جوادًا في ماله يبذله لكل قاصد، وكان من عادته الجلوس للتدريس بمسجد الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما في شهر رمضان، وكان معروفًا بين تلاميذه وزملائه من العلماء أن لا يضع علمه في غير موضعه، ولذلك اتهمه البعض بالبخل في بذل العلم على الرغم من عطائه الوافر، ومصنفاته الكثيرة والمتنوعة، وربما كان السبب الرئيسي في هذه التهمة أن الشيخ الدمنهوري كان لا يضع علمه في غير أهله، ولذا فقد كان ينتقي من يتعلم على يديه.
منزلته:
كان الإمام الدمنهوري -رحمه الله- وحده أُمَّة في العلم والفضل ورِفْعة المقام، ولما زار الإمام -رحمه الله- مكة المكرمة حاجًّا سنة 1177هـ، استُقبل أعظم الاستقبال، فأتى حاكم مكة وعلماؤها لاستقباله، فكان الاستقبال كريمًا يليق بمكانة الإمام الدمنهوري وشخصه، وحين عودته من الحج إلى مصر، استقبله الناس بنفس الحفاوة التي لقيها في مكة المكرمة، ومدحه الشيخ عبد الله الإدكاوي بقصيدة يهنئه فيها بالعودة، فقال:
لقد سرنا وطاب الوقت وانشرحت صدورنا حيث صح العود للوطن
فأنت أمجدنا، وأنت أرشدنا وأنت أحمدنا في السرِّ والعلن
وأجلَّه (علي بك الكبير)، وكان يجلس إلى دروسه، وكان الإمام الدمنهوري -رحمه الله - مهيبًا لدى أمراء المماليك، فلما نشبت الفتنة بين زعماء المماليك وأتباعهم من طائفتي (العلوية والمحمدية) فرَّ (حسن بك الجداوي) من زعماء العلوية أمام مطارديه، فلجأ لبيت الشيخ الدمنهوري، فلم يقدر أحد على اقتحام بيته حتى أجاره (إبراهيم بك).
وكان لا يعود من دَرْسه إلا في وقت متأخرٍ من الليل، ويحرص على صلاة الفجر، وتحدَّى علماءَ عصره بما كان يطْرَحُ من أسئلة معجزة، ثم يقوم بالإجابة عنها، مما جعل (علي بك الكبير) يتخذه أستاذًا ويستشيره في كثير من أمور الدولة.
مؤلفاته:
- كشف اللثام عن مخدرات الأفهام في البسملة والحمدلة.
- حلية اللب المصون في شرح الجوهر المكنون (في البلاغة).
- اللطائف النورية في المنح الدمنهورية، وهو سند ذكر فيه ما أخذه عن مشايخه وما درسه واستفاده بجهوده الخاصة، أو ما أخذه رواية ودراسة، ومنه نسخة خطية بدار الكتب المصرية.
- نهاية التعريف بأقسام الحديث الضعيف، وهو شرح لأربع أبيات من ألفية العراقي في مصطلح الحديث، ومنه نسخ في دار الكتب المصرية.
- درة التوحيد (منظومة في علم التوحيد).
- القول المفيد في شرح درة التوحيد، وهو شرح لمنظومته السابق ذكرها.
- الزايرجة، وهو شرح لكتاب (كشف الران عن وجه البيان) لمحيي الدين بن عربي، في التصوف.
- شرح الأوفاق العددية (وهو بحث في استنباط آفاق المستقبل عن طريق الأعداد)، ومنه نسخة خطية في دار الكتب المصرية.
- شفاء الظمآن بسر (يس قلب القرآن)، وهو شرح لمنظومة تتعلق بسورة يس، ذكرها أحمد بن ساعد في كتابه المسمى (روض العلوم).
- عقد الفرائد بما للمثلث من الفوائد، رتبه على مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة، في فضل العلم ومزدوجاته، توجد منه نسختان بدار الكتب.
- كيفية العمل بالزيارج العددية، مخطوط بدار الكتب المصرية.
- منتهى الإرادات في تحقيق الاستعارات- في البلاغة.
- سبيل الرشاد إلى نفع العباد- في الأخلاق.
- الفتح الرباني بمفردات ابن حنبل الشيباني - في فقه الحنابلة.
- رسالة عين الحياة في استنباط المياه - في الجيولوجيا.
- القول الصريح في علم التشريح - في الطب.
- منهج السلوك في نصيحة الملوك - في السياسة والأخلاق.
- الدرة اليتيمة في الصنعة الكريمة - في الكيمياء.
- إيضاح المبهم من متن السلم، وهو شرح على متن السلم في المنطق.
- الحذاقة بأنواع العلاقة، ذكره الجبرتي ولم يعين الفن الذي تناوله.
- حسن التعبير لما للطيبة من التكبير في القراءات العشر.
- تنوير المقلتين بضياء أوجه الوجوه بين السورتين.
- طريق الاهتداء بأحكام الإمامة والاقتداء على مذهب أبي حنيفة النعمان.
- إحياء الفؤاد بمعرفة خواص الأعداد - في الحساب.
- الدقائق الألمعية على الرسالة الوضعية العضدية للإيجي - في علم الوضع.
- منع الأثيم الحائر على التمادي في فعل الكبائر - أخلاق دينية.
- الأنوار الساطعات على أشرف المربعات - في الهندسة.
- حلية الأبرار فيما في اسم (علي) من الأسرار - تصوف.
- خلاصة الكلام على وقف حمزة وهشام - قراءات.
- إقامة الحجة الباهرة على هدم كنائس مصر والقاهرة - فتوى فقهية.
- فيض المنان بالضروري من مذهب النعمان.
- إتحاف البرية بمعرفة العلوم الضرورية.
- بلوغ الأرب في سيد سلاطين العرب.
- تحفة الملوك في علم التوحيد والسلوك (منظومة في مائة بيت).
ولايته للمشيخة:
تولَّى الشيخ الدمنهوري -رحمه الله- مشيخة الأزهر سنة 1182هـ، بعد وفاة الشيخ السجيني.
وفاته:
توفي الشيخ الدمنهوري -رحمه الله- يوم الأحد 11 من رجب عام 1192هـ الموافق 4 أغسطس سنة 1778م، في منزله ببولاق، فخرج بمشهد حافل مهيب، وصُلِّي عليه بالجامع الأزهر، ودفن بالبساتين.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأعلام للزركلي 1/164.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي 1/58.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي، ص (130- 132).
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
------------------
(1) عجائب الآثار 3/169، 170.