اسمه:
شمس الدين محمد بن محمد بن حسين الأنبابي الفقيه الشافعي.
الميلاد:
ولد بالقاهرة سنة 1240 هـ.
نسبته:
نسب إلى أنبابة(1)، المعروفة الآن باسم (إمبابة)، ونسب إليها مع أنه مولود في القاهرة؛ لأن والده منها وعاش فيها فترة من حياته.
نشأته ومراحل تعليمه:
بدأ الشيخ الإمام شمس الدين الأنبابي -رحمه الله- حياته بحفظ القرآن الكريم، وبعض المتون، ثم بدأ دراسته بالأزهر الشريف سنة 1253هـ، وتتلمذ على كبار مشايخه مثل: الإمام الباجوري، والشيخ إبراهيم السقا، والشيخ مصطفى البولاقي... وغيرهم، ولَمَّا استوعب علوم الأزهر أسرع كبار أساتذته إلى إجازته بالتدريس، فقد أجازه الإمام القويسني، والإمام الباجوري، والعلامة السقا، والإمام مصطفى العروسي، فتولى التدريس بالأزهر سنة 1267هـ، ولفت إليه الأنظار لما كان يمتاز به من العلم الغزير، ومن حُسن الإلقاء، ومن جودة التعبير، فكثر طلابه، واتسعت حلقته اتساعًا كبيرًا.
وكان والد الشيخ الإمام شمس الدين الأنبابي -رحمه الله- من كبار التجار، فورث الشيخ الإمام عنه حب التجارة، وهذا لم يمنعه من متابعة الدراسة والنبوغ فيها، ولهذا كانت له وكالة كبيرة لتجارة الأقمشة يُشرف عليها مع اشتغاله بالدراسة والتدريس، وظلت هذه الوكالة بالغورية معروفة باسمه منسوبة إليه.
تلاميذه:
تخرج على يد الإمام الشيخ شمس الدين الأنبابي -رحمه الله- طائفة من أعلام علماء الأزهر الشريف، منهم الإمام الشيخ حسونة النواوي، والإمام الشيخ عبد الرحمن القطب النواوي، والإمام السيد علي الببلاوي، والإمام أبو الفضل الجيزاوي، وقد ولي كُلٌّ منهم مشيخة الأزهر بعده، ومنهم أيضًا الشيخ حسن الطويل، والشيخ محمد عبد الجواد القاياتي، وأخوه الشيخ أحمد، والشيخ عبد الله عليش المالكي، والشيخ محمد بخيت المطيعي، والشيخ محمد أحمد حسين البولاقي، والشيخ عبد الرحمن قراعة.
أخلاقه:
كان الشيخ الإمام شمس الدين الأنبابي -رحمه الله- خيِّرًا، سمح السجايا، كريم الأخلاق، لم ينل أحدًا بسوء، بل كان يقابلُ السيئة بالحسنة، مشهورًا بالتقوى والصلاح وحُب الخير ومدِّ يد المعونة للضعفاء والمحتاجين(2).
منزلته:
عُيِّنَ الإمام الشيخ شمس الدين الأنبابي -رحمه الله- رئيسًا للشافعية بعد وفاة أستاذه الشيخ السقا، ولما كان يمتاز به الشيخ الإمام شمس الدين الأنبابي -رحمه الله- من سُمْعَةٍ طيبةٍ وعلم غزير تمَّ انتخابه أمينًا لفتوى الشيخ العروسي.
وفي أثناء ولاية الشيخ شمس الدين الأنبابي -رحمه الله- الثانية للمشيخة أنعم عليه الخديوي بالنيشان المجيدي، ثم بالنيشان العثماني من الدرجة الأولى.
مؤلفاته:
ترك -رحمه الله- ثروة علمية قيمة في شتى العلوم والفنون المعروفة في عصره، فلم يكد يترك كتابًا من الكتب الدراسية المشهورة إلا علَّق عليها بالشرح، أو الحاشية، أو التقرير.
وفي هذه المصنفات يقول صاحب (مرآة العصر): وكل هذه الرسائل والحواشي والتقارير أتت بجليل الفوائد، ودلَّت على غزارة مادة واضعها، وسعة اطلاعه.
وكما ترك ثروة مالية طائلة وقفها على الخير، فإنه ترك ثروة علمية واسعة كان فيها الخير كل الخير، ومن أشهر آثاره العلمية:
- إجازة من الإمام الأنبابي إلى تلميذه السيد حسن العلوي بن السيد درويش بن السيد عبد الله القويسني، ذكر فيها أساتذته وما رواه عنهم.
- إجازة أخرى منه إلى تلميذه السيد محمد الهجرسي.
- إجازة ثالثة منه إلى الشيخ يوسف بن عبد الله النقيب، مذيلة بخاتم الإمام وتوقيعه، موجودة بالمكتبة التيمورية رقم (22) مصطلح الحديث.
- تقرير الأنبابي على حاشية الصبان التي استنار بها صاحب (منهج السالك في أحسن المسالك إلى ألفية ابن مالك) في النحو.
- تقريرات الأنبابي على رسالته في دخول الباء بعد الاختصاص تكلم فيها على البيتين المشهورين:
دخولها على الذي قد قصروا الباء بعد الاختصاص يكثر
يذكره الحبر الهمام السيد وعكسه مستعمل وجيد
وتوجد منها نسخة خطية بدار الكتب المصرية رقم (5204).
- رسالة في علم الوضع، وتوجد منها نسخة خطية بدار الكتب المصرية، رقم (5202)، وقد وضع الشيخ عبد الهادي نجا الإبياري عليها حاشية هو والشيخ زين المرصفي.
- تقرير على مختصر السعد وحواشيه في أربعة أجزاء.
- رسالة في بيان الرِّبا وأقسامه.
- رياضة الصبيان وتعليمهم وتأديبهم.
- رسالة في قولهم: (من حفظ حجة على من لم يحفظ).
- رسالة صغرى في البسملة من حيث الفقه.
- رسالة كبرى في البسملة من حيث الفقه.
- رسالة صغرى في تحقيق الاستعارة في قولهم: (زيد أسد).
- رسالة كبرى في تحقيق الاستعارة في قولهم: (زيد أسد).
- فتاوى فقهية.
- تقرير على حاشية العطار على شرح الأزهرية في النحو.
- تقرير على حاشية السجاعي على قطر الندى في النحو.
- تقرير على حاشية السجاعي على شرح ابن عقيل لألفية ابن مالك.
- تقرير على حاشية الأمير على شرح شذور الذهب في النحو.
- تقريران كاملان على حاشية الصبان على شرح الأشموني لألفية ابن مالك، كل منها يقع في جزأين.
- رسالة صغرى في حديث: (ليس من أصحابي إلا من شئت لأخذت عنه ليس أبا الدرداء).
- رسالة كبرى في الحديث السابق.
- حاشية على التجريد، شرح مختصر السعد في البلاغة.
- تقرير على شرح جمع الجوامع، وحواشي البنا في أصول الفقه.
- تقرير على حاشية الباجوري على متن السلم للأخضري في المنطق.
- حاشية على آداب البحث.
- تقرير على شرح الشيخ خالد للآجرومية.
- تقرير على شرح حواشي التحرير -لم يتم.
- تقرير على حاشية العطار على شرح المقولات.
- رسالة في مبادئ علم النحو.
- رسالة في إفادة تعريف المسند إليه، والمسند.
- رسالة في حديث (كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم أقطع).
- تقرير على حواشي السمرقندية في البلاغة.
- تقرير على رسالة الصبان في علم البيان.
- رسالة على حواشي الأمير الملوي.
- رسالة في مقدمة القسطلاني في شرح صحيح البخاري.
- رسالة في شرح رسالة الدردير في البيان.
- رسالة في شرح حاشية البرماوي على شرح ابن قاسم الغزي في فقه الشافعية.
- تقرير على حاشية الصبان على العصام - لم يتم.
- رسالة في قوله تعالى {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ}[يس: 37].
- رسالة القول السديد في تزويج المرأة بلا ولي مع التقليد.
- رسالة في شرح مختصر السنوسي - لم يتم.
- شرح على مقدمة سلم العلوم.
- تقرير على حواشي السلم المنورق للأخضري في المنطق.
- تقرير على حواشي شروح السنوسية.
- تقرير على حاشية الشرقاوي على الهدهدي.
- تقرير على حواشي الجلالين - لم يتم.
- رسالة في مداواة الطاعون.
هذا إلى رسائل وفتاوى فقهية عديدة ردَّ بها على المستفتين من الداخل ومن الخارج كالحجاز واليمن والأفغان.
ولايته للمشيخة:
في يوم الأحد التاسع عشر من شهر المحرم سنة 1299هـ/1881م تم تعيينه شيخًا للأزهر أثناء الثورة العرابية، ولم تطل مدة ولايته لمشيخة الأزهر في هذه الفترة؛ لأنه قدَّم استقالته إثر حوادث الثورة العرابية، وذلك لما لاحظ إقبال الخديوي توفيق على الإمام الشيخ المهدي العباسي(3).
وفي اليوم الثالث عشر من شهر ربيع الأول سنة 1304هـ، صدر قرار بإعادة تعيينه شيخًا للأزهر، وظل قائمًا بالمشيخة تسع سنوات حتى استقال منها لما ضعفت صحته وأصيب بشلل سنة 1311هـ فعيَّن الخديوي الشيخ حسونة النواوي وكيلا له ليحمل عنه أعباء الأعمال، ولما قنط الشيخ الإمام من الشفاء قدَّم استقالته، فقبلها الخديوي مراعاة لحالته الصحية.
وفاته:
بعد تقديم الشيخ الإمام شمس الدين الأنبابي استقالته عكف على قراءة كتب السنة الستة، وكتاب الشفاء للقاضي عياض في السيرة النبوية.
توفي ليلة السبت الحادي والعشرين من شوال سنة 1313هـ، وكان عمره أربعة وسبعين عامًا، وقد وقف مكتبته وما يملكه من عقار كثير على وجوه الخير، ودُفِنَ بقرافة المجاورين.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأعلام للزركلي 7/75.
- الخطط التوفيقية 8/87.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- القول الإيجابي في ترجمة العلامة شمس الدين الأنبابي للشيخ أحمد رافع الطهطاوي الحنفي، طبع بالمطبعة الشرقية بالقاهرة سنة 1314هـ.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم 1/269.
----------------------------
(1) أنبابة: بفتح الهمزة وبعدها نون ساكنة -كما ضبطها صاحب القاموس، والزبيدي في تاج العروس، وكما قررها الصاغاني. وقد ذكرت في بعض المراجع بضم الهمزة بعدها نون ساكنة.
(2) القول الإيجابي ص 13.
(3) ذكرنا هذه القصة في ترجمة الشيخ المهدي العباسي.