مولده ونشأته:
هو فضيلة الإمام الشيخ حسونة بن عبد الله النواوي الحنفي، ولد -رحمه الله- بقرية نواي مركز ملوي بمحافظة أسيوط سنة 1255هـ/ 1839م. وقد حفظ القرآن الكريم، ثم التحق بالأزهر، وتلقى دروسه على كبار مشايخه، أمثال الشيخ الأنبابي -والذي أخذ عنه علوم المعقول- والشيخ عبد الرحمن البحراوي -وأخذ عنه الفقه الحنفي- والشيخ علي خليل الأسيوطي، وغيرهم، وامتاز فضيلته بقوة الحفظ، وجودة التحصيل، وشدة الذكاء. واستمر في دراسته حتى حصل على شهادة العَالِمية.
مناصبـه:
لما فرغ فضيلته من الدراسة جلس لتدريس أمهات الكتب العلمية فأقبلت عليه جموع الطلاب ولفت إليه الأنظار؛ فاختاره القائمون على الأزهر لتدريس الفقه في جامع محمد علي باشا بالقلعة، بجانب تدريسه له بالأزهر، ونظرًا لكفاءته وعلمه الواسع الغزير عُيِّن بجانب ذلك أستاذًا للفقه بكلية دار العلوم، وكلية الحقوق التي كانت تسمى حينئذٍ ب(مدرسة الحقوق)، وفي عام 1311هـ/1894م انتدب وكيلا للأزهر، وذلك لمرض الشيخ الأنبابي وعجزه عن مباشرة مهام عمله، ثم صدر قرار بتعيين لجنة لمعاونته في إصلاح شؤون الأزهر وكانت مكونة من: الشيخ محمد عبده والشيخ عبد الكريم سلمان والشيخ سليمان العبد والشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي والشيخ أحمد البسيوني الحنبلي.
كما عُيِّن فضيلته عضوًا دائمًا غير قابل للعزل بمجلس شورى القوانين.
توليه مشيخة الأزهر:
وبعد أن قدم فضيلة الشيخ الأنبابي استقالته من مشيخة الأزهر صدر قرار بتعيين الإمام الشيخ حسونة النواوي شيخًا للأزهر في 8 من محرم سنة 1313 هـ الموافق آخر يونيو عام 1895م، كما صدر قرار بتعيين فضيلته في المجلس العالي بالمحكمة الشرعية في العام نفسه مع بقائه شيخًا للأزهر الشريف، وظل يواصل عمله في النهوض بالأزهر حتى أصدر الخديوي قرارًا بتنحيته في 25 من المحرم سنة 1317 هـ الموافق 4 يونيو عام 1899م وتولية ابن عمه الشيخ عبد الرحمن القطب النواوي بسبب معارضة فضيلته لندب قاضيين من مستشاري محكمة الاستئناف الأهلية ليشاركا قضاة المحكمة الشرعية في الحكم.
وفي 16 من ذي الحجة سنة 1324 هـ الموافق 30 من يناير 1907م، أعيد الشيخ حسونة إلى مشيخة الأزهر مرة ثانية بعد أن توالى على المشيخة أربعة من المشايخ بعد الفترة الأولى لمشيخة الشيخ حسونة النواوي، ولكنه آثر ترك المنصب بعد أقل من ثلاث سنوات، فاستقال في 1327هـ.
وقد حاول الشيخ أثناء توليه المشيخة إعادة تنظيم الأزهر من الناحيتين المالية والإدارية، فرفع من رواتب العلماء والشيوخ وكذا عمل على إدخال العلوم الحديثة في الأزهر بعد أن كادت تهجر تمامًا. وأحضر لتدريس علوم الرياضيات والجغرافيا والتاريخ بالأزهر مدرسين مهرة من المدارس الأميرية، كما أنشئ في عهده الرواق العباسي بالجامع الأزهر. وكان الشيخ محمد عبده -رحمه الله- من أقرب المعاونين له في إصلاحاته تلك.
كما أنه تم في عهده جمع مكتبات الأزهر في مكتبة واحدة وتنظيمها وصيانتها.
تقلده منصب الإفتاء:
بعد وفاة الشيخ المهدي تولى الشيخ النواوي منصب الإفتاء بالإضافة إلى مشيخة الأزهر، واستمر يشغل هذا المنصب في الفترة من 10 من جمادى الآخرة سنة 1313 هـ الموافق 27 من نوفمبر سنة 1895م وحتى 11 من محرم سنة 1317 هـ الموافق 21 من مايو 1899م، وأصدر خلال هذه الفترة حوالي (287) فتوى مسجلة بسجلات دار الإفتاء.
صفاته:
عرف الشيخ -رحمه الله- بالعفة وعلو الهمة ونقاء اليد لولا جفاء كان يبدو على منطقه في بعض الأحيان وشدة يراها الناس فيه ولكن كان يعدها البعض شهامة لحفظ ناموس العلم وبخاصة مع الكبراء الذين استهان بعضهم بالعلماء.
كذلك من مآثره موقفه في إنصاف فضيلة الشيخ عبد الرحمن قراعة -والذي أصبح مُفتيًا للديار المصرية بعد ذلك- حيث أزال عنه محنة كانت قد ألمَّت به فحصل بعدها الشيخ قراعة على العَالِمية وصار من كبار العلماء.
مؤلفاتــه:
سلم المسترشدين في أحكام الفقه والدين: وهو كتاب من جزأين جمع فيه الأصول الشرعية مع الدقائق الفقهية. وقد حاز الكتاب على شهرة كبيرة حتى قرر تدريسه بالمدارس الأميرية.
وفــــاته:
لزم فضيلته منزله بعد استقالته يلتقي بأصحابه وطلاب العلم إلى أن انتقل إلى رحمة الله تعالى في صباح الأحد 24 من شوال سنة 1343 هـ الموافق 17 من مايو 1925م.
مصادر الترجمة:
- الخطط التوفيقية ج 17/ 14، 15، طبع المطبعة الأميرية ببولاق.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر لسليمان رصد، ص ( 155، 156)، الطبعة الأولى.
- مرآة العصر لإلياس زخورة، ص (190 - 192) طبع المطبعة العمومية 1897م.
- الأعلام للزركلي 2/ 229.
- مشيخة الأزهر ج1 ص (285 - 297).