اسمه:
هو الشيخ سليم بن أبي فراج بن السيد سليم بن أبي فراج البشري.
الميلاد:
ولد سنة 1248هـ في قرية محلة بشر، من قرى شبراخيت، بمحافظة البحيرة.
نسبته:
نُسِبَ إلى محلة بشر من قرى شبراخيت.
نشأته ومراحل تعليمه:
لما بلغ الشيخ الإمام سليم البشري السابعة من عمره، توفي أبوه، فكفله أخوه الأكبر السيد عبد الهادي البشري.
ولما بلغ التاسعة كان قد حفظ القرآن الكريم وجوَّده، ثم قَدِمَ إلى القاهرة فنزل على خاله السيد بسيوني البشري، من شيوخ مسجد السيدة زينب رضي الله عنها.
فتلقى عنه مبادئ العلوم، وظلَّ في كنفه مدة عامين درس فيهما عليه وعلى غيره من العلماء قراءات القرآن الكريم، ثم التحق بالأزهر الشريف وهو في كنف خاله، واتصل بكبار العلماء في الأزهر حيث درس الفقه على مذهب الإمام مالك، وظل يواصل الدراسة بالأزهر تسع سنوات كاملة.
ومن شيوخه الأعلام الشيخ الخناني، والشيخ عليش، والإمام الشيخ الباجوري وأمثالهم.
تصدره للتدريس:
كان الشيخ الخناني يقرأ كتابًا من أمهات الكتب على متقدمي الطلبة، وفي وسط الكتاب أصيب بمرض الفالج وبقي في فراشه أَشْهُرًا والطلبة في انتظاره، فلما أحسَّ بشيء من الراحة طلب أن يُحمَلَ إلى مجلس علمه، وقال لطلبته: إني ذاهب وليس فيَّ فضلة لتدريس العلم، وإني مستخلف عليكم لإتمام درسي أجدر الناس به، وأمسك بيد الشيخ سليم وأجلسه في مجلسه، فأتمَّ الكتاب على غرار شيخه.
تلاميذه:
أخذ الشيخ الإمام سليم البشري -رحمه الله- يباشر التدريس فظهر نبوغه واشتهر أمره وتهافت عليه الطلبة، وتخرج على يده جماعة من كبار العلماء منهم: الشيخ محمد راشد إمام المعية السنية (أي: الحاشية الخديوية)، والشيخ بسيوني البيباني، والشيخ محمد عرفة، وغيرهم من أفاضل العلماء.
أولاده:
ذكر صاحب كنز الجوهر أسماء أولاد الشيخ الإمام سليم البشري -رحمه الله- فقال: وله أنجال فضلاء وغالبهم مشتغل بطلب العلم الشريف بالأزهر، فمنهم حضرة الأستاذ الفاضل الشيخ محمد طه سليم، والشيخ أحمد سليم، والشيخ عبد الرحيم سليم، والشيخ عبد العزيز سليم، ومنهم حضرة عبد الله أفندي سليم، ضابط بالجيش المصري(1).
منزلته:
نبغ الشيخ في علوم كثيرة، وبخاصَّة علوم الحديث نبوغًا كبيرًا أبلغه درجة كبار المحدثين، واتجهت إليه أنظار الباحثين من العلماء والطلبة، فكلما جدت مشكلة عويصة أسرعوا إليه ليجدوا لديه حلا موفقًا لها، ثم أصابه الروماتيزم فلزم فراشه حولين لم ينقطع فيهما الطلبة عن الذهاب إلى بيته في حي السيدة زينب، فكان يُلقي عليهم دروسه في صباح كل يوم، ولما أتم الله عليه العافية عُيِّن شيخًا لمسجد السيدة زينب فقرأ أمهات الكتب، والتف حوله الطلبة، وتابعوا دروسه وكثرت أعدادهم.
وبعد بضعة أعوام صدر الأمر بتعيينه شيخًا ونقيبًا للسادة المالكية، وهو من أكبر مناصب الأزهر، وظلَّ شيخًا للمالكية حتى لقي ربه.
مؤلفاته:
ذكر صاحب كنز الجوهر أن للإمام مؤلفات قيِّمة كتبها على أوائل الكتب ولكنه لم يذكر هذه الكتب، ولعلها مقدمات لبعض الكتب الهامة في علم الحديث الذي اشتهر به، مثل كتاب (هدي الساري) فهو مقدمة قيمة مسهبة لكتاب (فتح الباري في شرح صحيح البخاري) وكلاهما لابن حجر العسقلاني، ومثل (مقدمة ابن خلدون) لكتابه في التاريخ، ومن الكتب التي صنفها الشيخ الإمام سليم البشري رحمه الله:
- حاشية تحفة الطلاب على شرح رسالة الآداب.
- حاشية على رسالة الشيخ عليش في التوحيد.
- المقامات السنية في الرَّد على القادح في البعثة النبوية، ردَّ فيها على من انحرفوا إلى الإلحاد. توجد منه نسختان خطيتان بدار الكتب المصرية رقم 21339ب، 21518ب.
- عقود الجمان في عقائد أهل الإيمان، توجد منه نسخة خطية بدار الكتب رقم 33753ب، وعلى هذه النسخة حواش وتعليقات كثيرة جدًّا بخط الشيخ محمد عليش سنة 1304هـ.
- الاستئناس في بيان الأعلام وأسماء الأجناس، وهو مصنف قيم في النحو اعتمد عليه المدرسون في الأزهر.
- شرح نهج البردة، وهي قصيدة شوقي التي عارض فيها بُردة البوصيري واستهلها بقوله:
ريم على القاع بين البان والعلم أحلَّ سفك دمي في الأشهر الحرم
ولايته للمشيخة:
لما اتجهت النية إلى إصلاح الأزهر في عهد الشيخ حسونة النواوي كان الشيخ سليم البشري -رحمه الله- في مقدمة العلماء الذين وقع عليهم الاختيار لعضوية مجلس إدارة الأزهر مع الشيخ محمد عبده والشيخ عبد الكريم سلمان وغيرهم من كبار العلماء المرجو على أيديهم الصلاح والإصلاح، فكان عضوا بارزًا في مجلس إدارة الأزهر حتى وقع عليه الاختيار ليكون شيخًا للأزهر بعد وفاة الشيخ الإمام عبد الرحمن النواوي -رحمه الله- فاعتذر الشيخ الإمام سليم البشري -رحمه الله- عن عدم قبوله هذا المنصب وبالغ في الاعتذار محتجًّا بكبر سِنِّه وضعف صحته، ولكنه أمام الإلحاح الشديد قبل المنصب، وصدر الأمر بتعيينه شيخًا للأزهر في 28 من صفر سنة 1317هـ = 1899م، ولبث في هذا المنصب أربع سنوات تقريبًا، أظهر فيها من سداد الرأي، وقوة الحزم، ومضاء العزيمة ما لا يتفق عادة لمن كان في مثل سِنِّه.
وحدث أنه اختار أحد العلماء -وهو الشيخ أحمد المنصوري- شيخًا لأحد أروقة الأزهر ولم يكن الحاكم راضيًا عن هذا، فأوعز إلى الإمام بالعدول عن تعيينه فأبى الشيخ الإمام الرجوع عن اختياره وقال: «إن كان الأمر لكم في الأزهر دوني فاعزلوه، وإن كان الأمر لي دونكم فهذا الذي اخترته ولن أحيد عنه»، فانتهزها الدساسون وأوغروا صدر الحاكم عليه فأرسل إليه من يقول له: «إن تشبثك برأيك قد يضرك في منصبك»، فقال الشيخ الإمام: «إن رأيي لي، ومنصبي لهم، ولن أُضحي لهم ما يدوم في سبيل ما يزول».
وقدَّم استقالته، فقُبلت في اليوم الثاني من ذي الحجة سنة 1320هـ = 1903م، وعُيِّن بدلا منه الشيخ علي بن محمد الببلاوي، ثم عُيِّن بعده الشيخ الشربيني، ثم أُعِيدَ الشيخ حسونة النواوي، ثم صدر الأمر بإعادة الإمام البشري مرة ثانية سنة 1327هـ إلى عمله وظلَّ فيه حتى لقي ربه.
وفاته:
توفي في ذي الحجة سنة 1335هـ = 1916م، وكان عمره تسعين سنة أو أكثر.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- الأزهر خلال ألف عام، محمد عبد المنعم خفاجي ص 369.
- الأعلام للزركلي 3/119.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي ص 157.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم 1/305.
- معجم المؤلفين، عمر كحالة 4/249.
-----------------------
(1) كنز الجوهر ص 159