نشأ الرسول صلى الله عليه وسلم ممتازًا بكمال الأخلاق، متباعدًا في صغره عن السفاسف التي يشتغل بها أمثاله في السن عادة، حتى بلغ مبلغ الرجال فكان أرجح الناس عقلًا، وأصحهم رأيًا، وأعظمهم مروءة، وأصدقهم حديثًا، وأكبرهم أمانة، وأبعدهم عن الفحش، وقد لقبه قومه (بالأمين)، وكانوا يودعون عنده ودائعهم وأماناتهم.
وقد حفظه الله تعالى منذ نشأته من قبيح أحوال الجاهلية، وبَغَّض إليه أوثانهم حتى إنه من صغره كان لا يحلف بها ولا يحترمها ولا يحضر لها عيدًا أو احتفالًا، وكان لا يأكل ما ذبح على النُّصُب، و النصب هي: حجارة كانوا ينصبونها ويصبون عليها دم الذبائح ويعبدونها.
ولقد كان صلى الله عليه وسلم لين الجانب يحن إلى المسكين، ولا يحقر فقيرًا لفقره، ولا يهاب ملكا لملكه، ولم يكن يشرب الخمر مع شيوع ذلك في قومه، ولا يزني ولا يسرق ولا يقتل، بل كان ملتزمًا لمكارم الأخلاق التي أساسها الصدق والأمانة والوفاء. وبالجملة حفظه الله تعالى من النقائص والأدناس قبل النبوة كما عصمه منها بعد النبوة