إلى متى تبقى السعودية مناهضة للسينما وأهلها؟!
بقلم : د. رضا عبد السلام علي
العالم والدنيا بأثرها تتغير ولم تتغير السعودية، فلا تزال تعيش الماضي، في وقت يتلهف فيه السعوديون، خاصة النساء والأطفال، لقدوم الصيف للسفر للخارج، لدخول السينمات في الدول العربية والغربية والشرقية، فلما لا تعترف المملكة بالواقع، وتفتح المجال لدور السينما والسينمائيين، وكل إنسان حر في تصرفه.
كما أن السينما لم تعد مجرد وسيلة تسلية بقدر ما هي الآن صناعة، تدر عائداً يفوق عشرات المشروعات الصناعية، مثل تلك القائمة في الجبيل وينبع؟! فبعض أفلام هوليود تصل عائداتها إلى المليار دولار في العام!
كل هذه التساؤلات أثارتها مؤخراً قناة عالمية تبث برامجها بالعربية (وهي القناة التي رفضت بث إعلان دعم لشعبنا في غزة خلال العدوان الأخير). فقد فتحت حواراً دار حول عنوان المقال، وتبارى المشاركون بين رافض ومعارض للفكرة، بل وللأسف الشديد شهدنا من بين المنددين بوضع المملكة، بعض المنتسبين إلى بلاد الحرمين الشريفين!! ممن أعماهم المال والثراء، وأنساهم أنفسهم وقيمهم وأبسط أمور دينهم، فاللهم اكفنا شر فتنة المال.
صعب على الفاسدين والمفسدين، أن يروا بقعة واحدة طاهرة نظيفة على هذا الكوكب، أرض خالية من دنس ورجس بقايا ومصاصة المجتمعات، المسمون بأهل الفن والسينما، خاصة إذا كانت البقعة التي نتحدث عنها هي أطهر أرض الله قاطبة (بلاد الحرمين الشريفين)، تلك البلاد التي تهفوا إليها النفوس في مشارق الأرض ومغاربها، وتدمع العيون لمجرد ذكر اسمها، فالمطلوب الآن أن يدنسها المفسدون والماجنون في الأرض، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
إن التجربة العالمية وعلى مدى القرن المنقضي، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك - وأقولها بثقة تامة وبمسئولية أمام الله - على أن الفن وتحديداً السينما، لعبت دوراً حاسماً في جر المجتمعات نحو الانهيارات الأخلاقية والقيمية بل والاقتصادية. وتسعفني هنا مقدمة العلامة العربي المسلم "ابن خلدون" والتي أكد فيها على أن المجتمعات تمر في تطورها بمراحل تشبه حياة الإنسان، حيث تدخل الأمم في مرحلة الشيخوخة والانهيار عندما تنهار فيها منظومة القيم والأخلاق، ويحتل أسافل وأراذل المجتمع قمة الهرم الاجتماعي، في حين يحل العلماء والمجدين في قاع ذلك الهرم، في هذه المرحلة، على الأمم أن تعلن عن انتهاء رحلتها.
أليس هذا هو الواقع المعاش في مختلف دول العالم؟ هل يستطيع عاقل أو منصف أن يفسر كيف يحصل ماجن أو ماجنة على مئات الملايين من الدولارات نظير تمثيله لمدة لا تتعدى ساعة أو ساعتين، في حين لا يستطيع العالم في معمله (وليس العالِمة) توفير حاجاته وحاجات أسرته الأساسية؟ هل في هذا عقل أو منطق. هل يستطيع إنسان محترم يحترم نفسه إنكار حقيقة أن الهرم الاجتماعي مقلوب؟ أترك ألإجابة إلى ضمير كل منصف.
أتذكر أن محكمة النقض المصرية وأنا دارس للقانون - وحتى عام 1931م - كانت تحظر دخول المشخصاتية (الممثلين) إلى قاعات المحاكم! ومن يبحث عن الحقيقة عليه التأكد من ذلك... الآن وفي وقتنا الراهن، يستطيع الماجن أو الماجنة أن تحل كل العُقَد بمجرد مكالمة هاتفيه أو توقيع على أوتوجراف، فبأيديهم مفاتيح الجنة، بل والتعيين في مؤسسات لم يكنوا ليجرؤوا على تخطي عتبتها