ومن المعالم البارزة في تفسيره الإعتناء بالربط بين الآيات المختلفه والكشف عن مظاهر الحكمة في ترتيب القرآن: ففي سورة البقرة مثلا يتحدث عن الانتقال من قصة آدم ودعوة بنيه إلى الدين . إلى الحديث عن بني إسرائيل في قوله تعالى:
(قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون . والذين كفروا وكذبوا بآيتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون . يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فأرهبون). يتحدث عن الصلة بين الآيات فيقول:
ولما قدم الله تعالى دعوة الناس عموماً وذكر مبدأهم .. دعا بني إسرائيل خصوصاً وهم اليهود – لأنهم كانوا أولى الناس بالإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم. لأنهم يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل ، فدعاهم تارة بالملاطفة ، وتارة بالتخويف ، وتارة بإقامة الحجة وتوبيخهم على سوء أفعالهم.
ونعود فنقول:
إن التفسير تعبير حي عن الشيخ القاسمي في سعة علمه ووفرة مراجعه وحسن انتقائه وسلامة منهجه ودفته في التعبير واقتصاره على قدر الحاجة وقد ضم عصارات الأفكار وخلاصة آراء العلماء في كثير من الآفاق العلمية والفكرية والعملية. كما عبر عنها القرآن.
وبلغ من تأثر الإمام القاسمي بابن تيمية أنه عد من مدرسته ، ولو كان من مدرسة ابن تيمية في الفقه مثلا أو في مسائل الأخلاق لكان الأمر سهلا لا يحتاج إلى تنبيه ، ولكنه كان من مدرسة ابن تيمية في إثبات الجهة وفي عقيدة الصفات. وقد سار على هذا النحو في تفسيره ..
وهذا المنهج غير مسلم به عند جمهور العلماء من أهل السنة.
وما يؤخذ على الإمام القاسمي في تفسيراته أن استمداده من الإمام ابن كثير بلغ حدا كبيرا .. إنه كاد يشبه تفسير الإمام ابن كثير في العديد من الموضوعات. ومع ذلك فإن هذا التشابه القوى لا ينزله عن أصالته فهو نابع من اتحاد الرأي وتشابه الأفكار لا من النقل و التقليد.