حينما أتحدث عن الله سبحانه و تعالى.. و عن قضية الوجود, نجد أن كثيرين يحاولون التصدى لهذه القضية بالتشكيك أو بالإنكار و يجهدون أنفسهم في محاولة للوصول إلى أدلة مضللة تثبت نظرياتهم التي تفتقر إلى الدليل الصحيح.
و أحب قبل أن نبدأ هذه الحديث أن أقول أن أمنية كل مسرف على نفسه.. أمنية كل من كانت مصيبته في دينه, أمنية كل إنسان يعصي الله, أن يحاول جاهدا الوصول إلى ما يشكك في الوجود الآلهي.. و هذا نابع من أن في داخل كل إنسان عاص شيئا يؤرقه و هو يحس أن هناك حسابا و أن هناك آخرة. و أنه سيلقى الله.. و هذا يجعله ينطلق في محاولاته للتشكيك في الدين.. عل نفسه تنخدع و لو كذبا بأنه لا حساب ولا عقاب.
و لقد أجهد الفلاسفة أنفسهم خلال سنوات طويلة في محاولاتهم للتشكيك في الأديان السماوية.. و استخدموا في ذلك عقولهم و خداع المنطق في هذه المحاولات.. بينما ذهب هدد آخر من الفلاسفة إلى أن الدين عبودية, و أن التحرر من الدين هو الحرية.. و كلا الإفتراضين خاطئ فيما يدعيه.
و الإيمان بالله قضية مثارة أجهد الناس أنفسهم فيها.. كل واحد يحاول أن يصل إلى وجهة نظره في هذا الموضوع.. و معنى هذه الجدل كله الذي يمضي و لن ينتهي.. و معنى البحث عن أدلة القوى الموجودة وراء العالم المادي.. أو أدلة تنفي و جود هذه القوة.. معناه أننا نعرف الله بالفطرة.. و أنه يوجد داخل أنفسنا ما يؤكد أن الله موجود.. و لا لما أنهكت النفس البشرية قواها في هذا الجدل و لكان العقل البشري يعيش سعيدا مطمئنا بالعلم الذي خلقه الله له.
و لكنا إذا نظرنا إلى أولئك الذين يعبدون المادة, نجد في داخلهم قلقا رهيبا يؤرقهم.. و يخيفهم رغم نجاحهم المادي.. و نجد أعلى نسبة للجنون و الإنتحار هي في أكثر دول العالم تقدما من الناحية المادية.. ذلك أن الإنسان قد يحقق من النجاح المادي ما يحسده عليه كثيرون من الذين ينظرون إلى الحياة الدنيوية و حدها.. و لكنه رغم هذا النجاح يعيش ي قلق رهيب لأنه لم يحقق الإنسجام بين نفسه و بين الكون.. فالإنسجام بين النفس و الكون لا يكون إلا بالإيمان بالله و اتباع منهجه.