القرآن هو كلام الله المنزل على رسوله سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم و المتعبد بتلاوته و المتحدي به الانس و الجن و العالمين .. و لم يتحد به الله الملائكة .. لأن الملائكة ليس لهم اختيارات يعملون بها .. إنما هم يفعلون ما يؤمرون .. و من هنا فإن القرآن يتحدى كل القوى المختارة .. أو التي لها اختيار .. أو التي ميزها الله بقدرة العقل و الفكر و الاختيار.
على أننا قبل أن نتحدث عن معجزة القرآن .. فإننا يجب أولا أن نحدد ما هي المعجزة؟ المعجزة هي خرق لنواميس الكون .. أو لقوانين الكون .. يعطيها الله سبحانه و تعالى لرسله ليدل على منهجه .. و يثبتهم به .. و يؤكد للناس أنهم رسله تؤيدهم السماء و تنصرهم .. و السماء حين تؤيد و تنصر ، تقف قوانين البشر عاجزة لا تستطيع أن تفعل شيئاً.
و لكننا حين يأتي إنسان و يقول أنه رسول من عند الله جاء ليبلغ منهجه .. أنصدقه؟ أم أننا نطالبه بإثبات ما يقول؟ إذن كان لابد أن تجئ مع كل رسول معجزة تثبت صدقه في رسالته و في بلاغه عن الله ..
و معجزات الله تتميز عن أية معجزات أخرى تمييزا واضحا قادرا .. فهي أولا تأتي و تتحدى من أرسل فيهم الرسول فيما نبغوا فيه .. لماذا؟ لأن التحدي فيما لا ينبغ فيه القوم لا يعتبر تحديا .. فمثلا إذا جئنا ببطل العالم في رفع الأثقال .. و تحدينا به رجلا عاديا .. لا يكون هناك مجال للتحدي .. لماذا؟ لأن المتحدي لا ينبغ في نفس جنس العمل الذي أريد أن يتم فيه التحدي .. و لكننا إذا جئنا ببطلين من أبطال العالم .. فإن التحدي يكون بينهما واضحا .. و يكون له معنى في أن يثبت أنه هو الأقوى ..
وإذا جئنا بإنسان قد نبغ في الطب مثلا .. و أرسلناه إلى بلد ليس فيها طبيب .. فلا يعتبر هذا تحديا .. لآنه لا يمكن أن يجد هذا الطبيب من ينافسه بحيث يكون هناك مجال للتحدي .. و لكننا إذا جئنا بهذا الطبيب و أرسلناه إلى أكبر عواصم الطب في العالم .. هنا يكون تحديا لهذا الطبيب .. هو تحد بقوة العقل حيث أننا وضعناه في اختبار مع أكبر ما في عصره من قوة يمكن أن تواجهه.