نكون بذلك قد وصلنا إلى نقطتين .. النقطة الأولى .. أن المعجزة يجب أن تكون خرقا لقوانين البشر و لا يقدر عليه إلا سبحانه و تعالى الذي وضع هذه القوانين .. و ثانيتهما أن المعجزة معجزة كل نبي يجب أن تكون مما نبغ فيه قومه حتى يكون التحدي نابغا و قويا .. و اثباتا على قدرة الله سبحانه و تعالى .. فلا آتي بقوم نبغوا في الطب مثلا و أرسل لهم معجزة في البلاغة .. و لا آتي بقوم نبغوا في البلاغة و أرسل لهم معجزة في الطب .. هنا الإحساس بالمعجزة لا يكون فيه التحدي القوي للإنسان .. فالتحدي يجب أن يكون في أمر نبغ القوم فيه حتى لا يتحدى الله قوما بأمر لا يعرفونه .. و لا موهبة لهم فيه .. و حتى يكون للتحدي قيمة .. و من هنا كانت معجزة كل رسول فيما نبغ فيه قومه.
على أن المعجزة لا تأتي فقط بخرق القوانين .. و التحدي .. إنما توفر أسباب هذا التحدي .. بمعنى أن القوم الذين يريد الله أن يتحداهم يمكنهم من الأسباب كلها .. ثم بعد ذلك يعطل الأسباب .. فلا يتم الفعل .. و لنعط أمثلة سريعة على ذلك .. مثلا معجزة نجاة إبراهيم عله السلام و معجزة نجاة موسى علية السلام .. كلتاهما معجزة .. وضعت فيها الأسباب .. ثم عطلت .. معجزة إبراهيم جاءت تحديا لقوم يعبدون الأصنام .. و يسجدون لها و يقدسونها .. لذلك عندا أرادوا احراق إبراهيم كانوا يريدون أن ينتقموا لآلهتهم و هي الأصنام .. و كان الإنتقام معدا بالشكل الذي يمجد هذه الأصنام .. و يجعل إبراهيم عبرة لكل إنسان تسول له نفسه أن يهينها أو يكفر بها ..