على أنه يلاحظ أن معجزة القرآن تختلف عن معجزات الرسل السابقين .. معجزات الرسل خرقت قوانين الكون .. و تحدت و أثبتت أن الذي جاءت على يديه رسول صادق من الله .. و لكنها معجزات كونية من رآها فقد آمن بها .. و من لم يرها صارت عنده خبرا إن شاء صدقه .. و إن شاء لم يصدقه .. و لو لم ترد في القرآن لكان من الممكن أن يقال أنها لم تحدث ..
إذن فالمعجزة الكونية المحسة .. أي التي يحس بها الإنسان و يراها تقع مرة واحدة .. من رآها فقد آمن بها .. و من لم يرها تصبح خبرا بعد ذلك .. على أن هذه المعجزات لا تتكرر أبدا .. هناك رأي يقول أن معجزات الرسل مع تقدم العلم يمكن أن يصل إليها البشر .. و هذا الرأي غير صحيح على الإطلاق .. فالمعجزة تبقى معجزة إلى يوم القيامة .. قد يقول واحد أننا قد نصل إلى قانون أو إختراع يشق الماء .. و حتى إن حدث هذا فإن المعجزة تبقى خالدة .. لآنه لا يمكن أن يأتي إنسان يضرب البحر بعصاه فينشق الماء إلا موسى عليه السلام .. و قد يقول بعض الناس أن عيسى عليه السلام كان يبرئ الأكمه و الأبرص .. و أن هناك دواء الآن لبعض الداءات .. أو لكل هذه الداءات .. و لكننا نقول له أن المعجزة ستبقى معجزة .. فلن يستطيع بشرا أن يشفي إنسانا مريضا بمجرد لمسة .. أو الإشارة إليه إلا عيسى عليه السلام .. قد يقول بعض الناس أننا نستطيع أن نذهب من مكة إلى بيت المقدس و نعود عدة مرات كل يوم .. و هذا رد على معجزة الإسراء .. فنقول أبدا .. لن يستطيع إنسان أن يذهب بغير طائرة في الجو إلا محمد عليه الصلاة و السلام .. فضلا عن الصعود إلى السماء السابعة .. ذلك أن المعجزة تظل خالدة في نوعها و آدائها مهما طال الزمن ..
و هي معجزة أساسها الإعجاز بالطريقة التي تمت بها .. و لا تصل إليها القوانين التي يكشف عنها الله سبحانه و تعالى من علمه للبشر .. بل تظل المعجزة معجزة ..