و لكي تكون هذه النقطة واضحة- أي نقطة تجدد عطاء القرآن- يجب أن نفرق بين اثنين في القرآن الكريم .. الأحكام الخاصة بمنهج العبادة .. أو ما يحدده الله للبشر ليقوموا بعبادته بالطريقة التي حددها الله سبحانه و تعالى ليعبد في الأرض .. كلمة افعل .. و لا تفعل .. هذا حلال .. و هذا حرام .. هذه الأحكام التكليفية لا تغيير فيها و لا تبديل .. و إنما هي كما فسرها رسول الله صلى الله عليه و سلم .. أو كما نزلت في عهد نزول القرآن .. الصلاة خمس مرات .. لا اجتهاد في هذا .. شهادة أن لا إله إلا الله .. الزكاة .. ما حرم على الإنسان و ما أحل له .. الزواج و الطلاق .. كل ما شرعه الله من أحكام بينه الرسول صلى الله عليه و سلم و فسره .. و لا اجتهاد فيه .. لا يستطيع أن يأتي أحد و يقول أن الصلوات أربع مرات في اليوم .. و يفسر هذا بأي وجه من التفسير .. هذا غير مقبول .. و ليس مجال للمناقشة .. افعل و لا تفعل .. الأحكام التي إذا فعلتها نجوت .. و إذا لم تفعلها عوقبت .. هذه لا تبديل فيها و لا اجتهاد .. لأن الله سبحانه و تعالى هو الذي يحدد لنا كيف نعبده .. و هو الذي يختار لنا الطريق .. نأتي بعد ذلك إلى الأشياء المتصلة بقوانين الكون و الخلق .. تلك الأشياء التي لم يكن للعقل البشري الاستعداد العلمي وقت نزولها ليفهمها تماما .. مثلا كروية الأرض .. احدى الحقائق التي تحدث عنها القرآن .. علم الأجنة تناوله القرآن .. دوران الأرض حول نفسها .. الزمن .. و نسبية الزمن .. و عدد من حقائق الكون الأساسية .. نجد أن الآيات التي تتناول هذه الأشياء مر الرسول صلى الله عليه و سلم عليها مرورا و ترك للعقل في كل جيل أن يأخذ قدر حجمه .. و المعجزة هنا في القرآن أنه يعطي لكل عقل قدر حجمه .. و يعطي لكل عقل ما يعجبه و يرضيه .. فترى غير المتعلم يطرب للقرآن و يجد فيه ما يرضيه .. و نصف المتعلم يجد في القرآن ما يرضيه .. و المتبحر في العلم يجد في القرآن اعجازا يرضيه ..
هذه واحده .. من اعجاز القرآن الكريم .. انه يقدم لكل نفس باستخدام الآيات و الألفاظ التي تؤدي إلى المعنى .. فإذا ما كشف الله للبشر عن سر من أسرار كونه .. و رجعنا إلى الآية نجدها تؤدي نفس المعنى ..