بقيت نقطة.. هل يأتي هذا في الأحكام؟ الجواب:لا.. إن أحكام الدين أفعل و لا تفعل.. نزلت كاملة واضحة لا لبس فيها ولا إضافة عليها و لا تبديل و لا غموض.. منهج الله كامل.. فسرته الأحاديث الأحاديث القدسية و الأحاديث النبوية.. و شرح و فسر في عهد رسول الله-صلى الله عليه و سلم- تفسيرا كاملا.. بحيث أصبح واضحا لكل إنسان يريد أن يعبد الله.. و أن يعيش في الأرض طبقا لقوانين الله.. افعل و لا تفعل.. جاءت واضحة و فسرت و كملت في عهد الرسالة.. و أصبح الحلال بينا.. و الحرام بينا.. و الدين بينا..
أما آيات الله في الكون.. فنلاحظ أنها لم تفسر تفسيرا كاملا في عهد الرسول- صلى الله عليه و سلم-.. حتى لا تكون ملزمة للمسلمين.. لماذا؟ لأن لهذا عطاء يتجدد في كل الأجيال.. و هذه الآيات هي التي تحدثنا عن بعضها.. لقد تحدى القرآن العرب بالإعجاز في اللغة.. طلب أن يأتوا بمثل القرآن ثم زاد في التحدي و قال بسورة من مثله.. و لكن التحدي للعالم لا يمكن أن يكون باللغة.. فاللغات مختلفة.. إذن بماذا تحداهم.. بالعلم.. و كان التحدي مطلقا إلى يوم الدين.. قال أنتم جميعا لن تستطيعوا أن تخلقوا شيئا.. حتى نهاية العالم.. ثم تحداهم بخلق ماذا.. بخلق كون كالذي خلقه؟لا.. بخلق مجموعة شمسية من عشرات المجموعات الشمسية الموجودة في الكون؟ لا.. بخلق شمس أو قمر أو نجم؟ لا.. إذن تحداهم بخلق الكرة الأرضية مثلا؟ أبدا.. لا بد أنه تحداهم بخلق الإنسان؟.. أبدا.. لقد تحداهم أن يخلقوا ذبابا ففي سورة الحج قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73))
و هكذا تحدى الله البشرية كلها يوم القيامة بأن يخلقوا ذبابة.. و قال إن العلم الذي تعبدونه من دون الله و الذي ستؤمنون به.. هذا العلم و كل القائمين عليه لن يستطيعوا أن يخلقوا ذبابا و لو أجتمعوا.. ثم قال الله سبحانه و تعالى:
(ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) و أضاف:
(مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)
و العجيب أن الإنسان قد وصل إلى القمر.. و قد يصل إلى المريخ.. و قد يستكشف أبعد من ذلك.. و لكنه عاجز على أن يخلق جناح ذبابة حتى الآن.. و هو طلب ضعيف جدا بالنسبة لقدرة الله صبحانه و تعالى في خلق ملايين الكائنات و لذلك قال الله تعالى: (ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) و أضاف:
(مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)
أي أن قدرة الله سبحانه و تعالى تفوق كل الحدود و التصورات التي قد ترد على خواطركم.. و أنتم لا تعرفون قدرة الله..