الميلاد:
ولد عام 1056هـ/1656هـ تقريبًا، وكان مولده بقرية الجدية التابعة لمركز رشيد بمديرية البحيرة، وهي قرية تقع على الشاطئ الغربي لفرع رشيد.
نشأته ومراحل تعليمه:
نشأ الشيخ في قريته، وحفظ فيها القرآن الكريم، ثم قصد الجامع الأزهر ليتلقى علومه على أيدي علمائه ومشايخه.
جد الشيخ -رحمه الله- في تحصيل العلم، واجتهد في حفظ ما يمليه عليه مشايخه وعلماؤه فتقدم في العلم، وجلس في صفوف العلماء، وأصبح ذائع الصيت، وذا ذكر حسن.
وقد اشترك الشيخ شنن في الفتنة التي حدثت بين فريقي الشيخ القليني والشيخ النفراوي، وكان مؤيدًا للشيخ أحمد النفراوي، فلما تدخل ولاة الأمر في ذلك صدرت الأوامر بنفيه إلى قريته الجدية، وتحديد إقامة الشيخ النفراوي في بيته.
منزلته:
كان الشيخ شنن -رحمه الله- واسع الثراء، فيذكر الجبرتي أنه كان مليئا متمولا أغنى أهل زمانه بين أقرانه ... ترك لابنه ثروة طائلة فكان بها من صنف الذهب البندقي أربعون، خلاف الجنزولي والطولي، وأنواع الفضة، والأملاك والضياع، والوظائف، والأطيان... وغير ذلك، وكان له مماليك وعبيد وجوارٍ، ومن مماليكه أحمد بك شنن الذي أصبح من كبار حكام المماليك وصار صنجقًا، أي: من كبار ولاة الأقاليم.
ومع ثرائه العريض كان غزير العلم، واسع الاطلاع، من كبار الفقهاء، عالما جليلا، وفقيهًا مجتهدًا، وعلمًا من أعلام المالكية في زمانه.
ويذكر المؤرخون أن الشيخ شنن -رحمه الله- رغم ثرائه العريض وأمواله الطائلة كان غزير العلم، واسع الاطلاع، ولم تصرفه أمواله عن تحصيل العلم ومتابعة تلاميذه والاطلاع الواسع على التراث العلمي المجيد.
وقد أقام الشيخ شنن -رحمه الله- صديقه الشيخ محمد الجداوي وصيًّا على ابنه موسى، وذلك قبل وفاته، وقام الشيخ الجداوي بحراسة هذه الثروة على خير وجه، وسلمها إلى موسى ابن الشيخ شنن -رحمه الله- بعد بلوغه سن الرشد، ولم يمض وقت طويل -كما ذكر الجبرتي- حتى بدد الابن ثروة أبيه جميعها رغم ضخامتها، ومات بعد كل هذا الثراء مدينًا فقيرًا محتاجًا، لا يملك من ثروته شيئًا.
وكان الشيخ ذا مكانة سامية مرموقة لدى الحكام، وقد لاحظ أثناء مشيخته أن بعض جدران المسجد قد أصابها تصدع، فعزم على إصلاح ما فسد، وصعد إلى القلعة حيث يقيم الوالي العثماني علي باشا، وذلك يوم الخميس الموافق 15 من ربيع الأول عام 1232هـ/ 25 يناير عام 1720م، وقابل الشيخُ الوالي، وعرض عليه ما لاحظه في جدران المسجد، وقال له: المرجو من حضرتكم تكتبوا إلى حضرة مولانا السلطان، وتعرضوا عليه الأمر؛ لينعم على الجامع الأزهر بالعمارة، فإنه محل العلم الذي ببقائه بقاء الدولة، وله ولك الثواب من الملك الوهاب.
ولما للشيخ من مكانة سامية أسرع الوالي بتحقيق مطلبه، ليس هذا فحسب، بل طلب الوالي من كبار المشايخ أن يقدموا مذكرات في هذا الشأن لترفع إلى السلطان، وأراد بذلك أن يدعم أقوال الشيخ شنن في هذا الشأن، ويضفي عليها المزيد من الأهمية لما للشيخ من احترام وهيبة لدى العلماء وولاة الأمر.
واشترك الوالي، وكبار الأمراء والمماليك في وضع أختامهم على هذه المذكرات، وعرض الأمر على السلطان أحمد الثالث (1703م - 1730م)، واستجاب إلى طلب علماء الأزهر، وأوفد بعثة إلى مصر تحمل رده بالموافقة على طلب علماء الأزهر، وترميم ما تصدع من بناية الجامع الأزهر، واعتمد خمسين كيسًا ديوانيًّا من أموال الخزانة للإنفاق على ذلك الإصلاح.
مؤلفاته:
اكتفى الشيخ شنن -رحمه الله- بتدريس المؤلفات المعروفة في عصره، ولم تكن له مصنفات خاصة به، أو لم نعرف عن مصنفاته شيئًا، إذ أغفلت المصادر التي ترجمت له ذكر شيء عن كتبه وتلاميذه، وعلى أيدي مَنْ مِنَ العلماء تلقى دروسه.
ولايته للمشيخة:
توفي الشيخ النفراوي أثناء مشيخة الشيخ القليني للجامع الأزهر، الأمر الذي دعا علماء الأزهر للإجماع على تولية الشيخ محمد شنن لمشيخة الأزهر؛ لأن ثلاثتهم (الشيخ النفراوي، والشيخ القليني، والشيخ شنن) كانوا الأقطاب الثلاثة في ذلك العصر، وجميعهم على المذهب المالكي، الذي كانت المشيخة لا تخرج إلا منه غالبًا.
وفاته:
ظل الشيخ محمد شنن شيخًا للأزهر يشرف عليه، ويواصل البحث والتدريس حتى توفاه الله، وقد ناهز السبعين من عمره عام 1133هـ/1720م.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثيى عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- دور الأزهر في الحفاظ على الطابع العربي لمصر إبان الحكم العثماني للدكتور
عبد العزيز محمد الشناوي، طبع دار الكتب سنة 1972م.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف: علي عبد العظيم.