اسمه:
محمد ابن الإمام أحمد بن موسى بن داود العروسي.
نشأته ومراحل تعليمه:
تلقى الشيخ محمد العروسي -رحمه الله- العلم على يد والده، وظهرت نجابته، فلمَّا توفي والده حلَّ محلَّه في التدريس لطلبته، وكان شغوفًا بالدرس، فكان يواصل التدريس لطلبته من الصباح إلى المساء(1)، ولعل هذا هو الذي شغله عن التأليف، وكان يمتاز بالمرونة واللباقة.
مؤلفاته:
اشتغل الشيخ العروسي -رحمه الله- بالدرس، فكان يقضي وقته من الصباح للمساء في التدريس لا يقوم إلا إلى الصلاة، وهذا ما عوَّقه عن التأليف الذي يحتاج إلى وقت.
ولايته للمشيخة:
تولَّى الشيخ الإمام محمد العروسي -رحمه الله- مشيخة الأزهر سنة 1233هـ. وهو أول شيخ للأزهر وُلِّيَ أبوه مشيخة الأزهر من قبله، ويفصله عن مشيخة أبيه شيخان، هما: الشيخ الشرقاوي، والشيخ الشنواني، وكان الشيخ محمد العروسي -رحمه الله- من المزاحمين للشيخ الشنواني في ولاية المشيخة، لولا أن محمد علي باشا آثر عليه الشيخ الشنواني لما عرفه عنه من تواضعه وانصرافه عن مظاهر السلطة، وكان محمد علي باشا قد ضاق بتدخل الشيخ الشرقاوي، وعمر مكرم في شؤون الحكم دفاعًا عن حقوق الشعب.
ولما مات الشيخ الشنواني انعقد الإجماع على إمامة الشيخ محمد بن أحمد العروسي؛ لأنه لم يكن له منافس في التطلع إلى المشيخة، فتقلدها «من غير منازع وبإجماع أهل الوقت، ولبس الخلع من بيوت الأعيان، مثل البكري والسادات» كما ذكره الجبرتي في تاريخه(2).
وحدثت في عهده فتنة حول أكل ذبائح أهل الكتاب، وهي أن الشيخ إبراهيم المالكي الشهير بإبراهيم باشا قرأ في درس الفقه (إن ذبائح أهل الكتاب في حكم الميتة لا يجوز أكلها) وسمع فقهاء الثغر بذلك فأنكروه وناقشوه، فقال: إني أخذت ذلك عن الشيخ عليًّا الميلي المغربي، وهو عالم جليل ورع، فأرسلوا إليه فبعث برسالة مفصلة ساق فيها الأسانيد على رأيه، واستند هو أيضًا لرأي الشيخ الطرطوشي في المنع وعدم الحل، وأمر الوالي بجمع العلماء والنظر في هذه المسألة الخطيرة.
فأحضر العلماء، وتقدم الشيخ العروسي بلباقته وحسن تأنيه، فقال: الشيخ علي الميلي رجل من العلماء، تلقى عن مشايخنا ومشايخهم (أي: مشايخ المغاربة) لا ينكر علمه، وهو منعزل عن خلطة الناس، ولأنه حاد المزاج (يريد أن يعتذر بهذا عن طعنه في العلماء المعاصرين) والأولى أن نجتمع به ونتذاكر في غير مجلسكم، وننهي بعد ذلك الأمر إليكم.
فاجتمعوا في اليوم الثاني، وأرسلوا إلى الشيخ علي لمناظرته فأبى الحضور، وقال: إنه لا يحضر مع الغوغاء، ولكنه يقبل الحضور في مجلس خاص، يحضره الشيخ حسن القويسني، والشيخ حسن العطار فقط؛ لأن ابن الأمير يشن عليه الغارة.
فتغير ابن الأمير وأرعد وأبرق، وثار العلماء الحاضرون وأمروا الأغا بالذهاب إلى بيت الشيخ علي وإحضاره قهرًا عنه، فذهب الأغا إليه فوجده قد اختفى، فأخرج زوجته وأهله من بيته وأغلقه، وكتب العلماء رسالة إلى الوالي ذكروا فيها أن الشيخ علي مخالف للحق، وأن إباءه حضور مجلس العلماء، ثم هربه يؤيدان أنه على الباطل، ولو كان مُحقًّا ما اختفى ولا هرب، وفوضوا إلى الوالي التصرف في شأنه وشأن الشيخ إبراهيم باشا الإسكندري، فأصدر الباشا قرارًا بنفي الشيخ إبراهيم إلى بني غازي، أما الشيخ علي فظل مختفيًا.
وفاته:
توفي الشيخ الإمام محمد العروسي -رحمه الله- سنة 1245هـ.
مصادر ترجمته:
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- عجائب الآثار للجبرتي، نشر لجنة البيان العربي.
- كنز الجوهر في تاريخ الأزهر، تأليف: سليمان رصد الحنفي الزياتي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم.
----------------------
(1) الأزهر في اثني عشر عامًا ص42.
(2) ينظر: عجائب الآثار 7/441.