للحافظ ابن حجر العسقلاني رسالة بعنوان: "تبيين العجب بما ورد في فضل رجب"، جمع فيها جمهرة الأحاديث الواردة في فضائل شهر رجب وصيامه أو صيام شيء منه. وقد قسَّم هذه الأحاديث الواردة إلى ضعيفة وموضوعة. فكان الضعيف أحد عشر حديثًا، منها حديث: ((إن في الجنة نهرًا يقال له رجب أشد بياضًا من اللبن وأحلى من العسل، من صام من رجب يوما سقاه الله من ذلك النهر))، وحديث: ((اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان))، والموضوعُ واحدًا وعشرين حديثًا، منها حديث: ((من صلى ليلة النصف من رجب أربع عشرة ركعة، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة، وقل هو الله أحد عشرين مرة، وقل أعوذ برب الفلق ثلاث مرات، وقل أعوذ برب الناس ثلاث مرات، فإذا فرغ من صلاته صلى عليَّ عشر مرات، ثم يسبح الله ويحمده ويكبره ويهلله ثلاثين مرة، بعث الله إليه ألف ملك يكتبون له الحسنات ويغرسون له الأشجار في الفردوس، ومحا عنه كل ذنب أصابه إلى تلك الليلة، ولم يكتب عليه خطية إلى مثلها من القابل، ويكتب له بكل حرف قرأ في هذه الصلاة سبعمائة حسنة، وبُني له بكل ركوع وسجود عشرة قصور في الجنة من زبرجد أخضر، وأُعطي بكل ركعة عشر مدائن في الجنة، كل مدينة من ياقوتة حمراء، ويأتيه ملك فيضع يده بين كتفيه فيقول: استأنف العمل فقد غفر لك ما تقدم من ذنبك))، ولكن هذا لا يمنع من العمل بما ورد من الضعيف في هذا الباب عملا بما عليه جماهير الأمة من التسامح في العمل بالضعيف في باب الفضائل، بشرط ألا يشتد ضعفه، وأن يندرج تحت أصلٍ معمول به، وألا يعتقد الفاعل ثبوته، وذلك كما هو مُقَرَّر ومُفَصَّل في موضعه في كتب مصطلح الحديث.
والله تعالى أعلى وأعلم