الشيخ طنطاوي جوهر علم من أعلام المعرفة الإسلامية في العصر الحديث. و لد في قرية كفر عوض الله حجازي بمديرية الشرقية سنة سبع و ثمانين و مائتين و ألف, و نشأ نشأة عادية في أسرته, ثم تعلم في كتاب بلده (الغار), و اشتهر بجودة الحفظ و الذكاء المفرط و البديهة الحاضرة.. و ساعده ذلك على الإلتحاق بالجامع الأزهر, و تلقى العلم على مشاهير علماء عصره. ثم استكمل دراسته في دار العلوم, و تخرج منها سنة عشر و ثلثمائة و ألف. و عين مدرسا بمدرسة دمنهور, ثم بالمدارس الإبتدائية, ثم بدار العلوم, ثم بالمعلمين الناصرية, ثم بالخديوية و تعلم الإنجليزية و هو مدرس بها, ثم اشتغل مدرسا بالجامعة المصرية.
و كان له نشاط ديني و اجتماعي كبير, فرأس جمعية المواساة الإسلامية, و اشتغل بالعلم و الأدب و الفلسفة و التفسير و التأليف, و ظهر فضله في عصره و فيما بعد عصره إلى الآن.
و لقد تحدث عن نفسه في مقدمة تفسيره فقال:
أما بعد فإني خلقت مغرما بالعجائب الكونية, معجبا بالبدائع الطبيعية, مشوقا إلى ما في السماء من جمال, و ما في الأرض من بهاء و كمال, آيات بينات, و غرائب باهرات. شمس تدور, و بدر يسير, و نجم يطير, و وحش يسير, و أنعام تسري, و حيوان يجري, أنعام و در, و موج يمر, و ضياء في مخارق الأجواء و ليل داج, و سراج وهاج, و كتاب من العجائب مسطور, في لوح الطبيعة منشور, و سقف مرفوع.. إن ذلك لبهجة لأولي الأبصار, و تبصرة لصادقي السرائر.