إذن فخالق الإنسان هو الله.. و خلق السماوات و الأرض هو الله.. و هذا أمر غيبي نأخذه عن من خلق.. إلا أن الله سبحانه و تعالى عندما يعرض قضية غيبية.. فإنه ينير طريق العقل دائما بقضية نحسها و نشهدها.. تقرب القضية الغيبية التي يتحدث عنها.. فالله خلقني من تراب.. من طين.. من حمأ مسنون.. من صلصال كالفخار.. ثم نفخ من روحه..
إذا أخذنا التراب.. ثم نضيف إليه الماء فيصبح طينا.. ثم يترك لتتفاعل عناصره فيصبح حمأ مسنون.. كالذي يستخدمه البشر في صناعاتهم.. ثم يجفف فيصبح صلصالا.. هذه أطوار خلق الجسد البشري.. و البشر.. و الخلق من الطين.. من الأرض..
فإذا جئنا للواقع.. فلنسأل أنفسنا.. الإنسان مقومات حياته من أين.. من الأرض.. من الطين.. هذه القشرة الرضية الخصبة هي التي تعطي كل مقومات الحياة التي أعيشها.. إذن فالذي ينمي هذه المادة التي خلقت منها هو من نفس نوع المادة.. و هي الطين.. و لقد حلل العلماء جسم الإنسان فوجدوه مكونا من 16 عنصرا.. أولها الأكسجين.. و آخرها المنجنيز.. و القشرة الأرضية الخصبة مكونة من نفس العناصر.. إذن فعناصر الطين الخصب هي نفس عناصر جسم الإنسان الذي خلق منه.. هذا أول إعجاز.. و هذه تجربة معملية لم يكن هدفها إثبات صحة القرآن أو عدم صحته.. و لكنها كانت بحثا من أجل العلم الأرضي..
و لقد جعل الله سبحانه و تعالى الموت دليلا على قضية الخلق.. فالموت نقض للحياة.. أي أن الحياة موجودة.. و أنا أنقضها بااموت.. و نقض كل شئ يأتي عكس بنائه.. فإذا أردنا أن نبني عمارة نبدأ بالدور الأول.. و إذا أردنا أن نهدمها نبدأ بالدور الأخير.. إذا وصلت إلى مكان و أردت أن أعود.. أبدأ من أخر نقطة و صلت إليها إنها تمثل أول خطوة في العودة.. و نحن لم نعلم عن خلق الحياة شيئا.. لأننا لم نكن موجودين ساعة الخلق.. و لكننا نشهد الموت كل يوم.. و الموت نقض للحياة.. إذن هو يحدث على عكسها.. أول شئ يحدث في الإنسان عند الموت.. إن الروح تخرج.. و هي أخر ما دخل فيه.. أول شئ خروج الروح.. إذن أخر شئ دخل ف الجسم هو الروح.. ثم تبدأ مراحل عكس عملية الخلق.. يتصلب الجسد.. هذا هو الصلصال.. ثم يتعفن فيصبح رمة.. هذا هو الحمأ المسنون.. ثم يتبخر الماء من الجسد و يصبح الماء ترابا.. و يعود إلى الأرض.. إذن مراحل الإفناء التي أراها و أشاهدها كل يوم هي عكس مراحل الخلق.. فهناك الصدق في مادة الخلق.. و الصدق في كيفية الخلق.. كما هو واضح أمامي من قضية نقض الحياة.. و هو الموت..
شئ أخر يقول الله سبحانه و تعالى:
(ونفخت فيه من روحي)
و معنى النفخ أي النفس.. أي أن هناك نفسا خرج من النافخ إلى المنفوخ فيه.. فبدأت الحياة.. و بماذا تنتهي الحياة.. بخروج هذا النفس.. فأنت إذا شككت في أن أي إنسان قد فارق الحياة.. يكفي أن يقال لك إنه لا يتنفس.. ليتأكد يقينا أنه مات.. إذن دخول الحياة إلى هذا الجسد هو دخول هذا النفس.. مصداقا لقوله تعالى:(و نفخت فيه من روحي)
و خروجها هو خروج هذا النفس..