الإنسان في علاقته بالله سبحانه و تعالى يدخل في حالات متعددة تتغير فيها طبيعة اتصاله بما هو غيب عنه بالنسبة للشخص الواحد.. فلإنسان مثلا حين يكون في بقظة.. و في حياته اليومية يرى الأشياء بقدر ما تعطيه هذه اليقظة من وعي دنيوي.. أو بقدر ما يحجب عنه جسده المادي من أشاء قد لا يعرف عنها شيئا.. و الإنسان و هو يقظ خاضع للعقل خضوعا كاملا.. فإذا نام مثلا تغير الحال.. و أصبح يرى في نومه أشياء لا يراها في اليقظة و لا تدخل في نطاق العقل البشري. فيمكن أن يرى نفسه يطير في الهواء مثلا.. أو يرى نفسه في أماكن لم يرها في حياته الدنيوية.. أو يتحدث في الحلم مع أشخاص ماتوا إلى رحمة الله منذ مدة طويلة.. و فارقوا هذه الدنيا.. أو يرى أشياء عجيبة تحدث له لا تتفق مع العقل و المنطق.. و لا مع مهاراته.. فقد يرى مثلا أنه يركب حصانا و هو لا يعرف رطوب الخيل.. أو أنه يقوم بعمل لا يتقنه في الدنيا.. و العجيب أن الرؤيا تتم.. و العين مغلقة تماما.. أى أن الذي يرى ليس هو العين.. و إنما الروح..
إذن فالروح لها رؤيا خاصة و هي يمكن أن تلتقي مع الذين فارقوا الدنيا و تتحدث معهم.. و الإنسان نائم.. يكون في عالم آخر غير عالم اليقظة.. و تلتقي روحه و هو نائم مع أمه أو أبيه الذين فارقوا الحياة منذ سنوات.. و يرى أشياء و أشخاص لم يعرفها في حياته.. بل و لا تتفق مع منطق الحياة..
و لكن ما الذي يجعل الإنسان يرى و هو نائم و مغمض العينين ما لا يراه.. و هو مستيقظ.. و ما الذي يجعله يرى أماكن لأشخاص لم يشاهدهم في حياته.. فإذا استيقظ ضاع كل هذا.. و بماذا نفسر هذه الظاهرة.. نقول أننا حين نصل إلى أشياء تقف فيها عقولنا لأنها تخاف ما نعتاد و نألف نضعها تحت عنوان(سبحان الله) و ليس كمثله شئ.. ذلك لأننا لا نعرف قوانين الروح و الجسد قائم.. و لا نعرف قوانينها بعد أن تفارق الجسد.. ذلك غيب عنا.. تعجز عنه عقولنا.. لذلك نضعه تحت عبارة.. (سبحان الله) و ليس كمثله شئ..