الأضحية : هي ما يذكى تقربا إلى الله تعالى في أيام النحر بشرائط مخصوصة . فلا يعد أضحية ما يذكى لغير التقرب إلى الله تعالى ، كالذبائح التي تذبح للبيع أو الأكل أو إكرام الضيف ، ولا يكون أضحية ما يذبح في غير هذه الأيام ولو بنية التقرب لله تعالى ، ولا كذلك ما يذكى بنية العقيقة عن المولود ، ولا ما يذبح في الحج من هدي التمتع أو القران ، أو جزاء ترك واجب أو فعل محظور في الحج ، أو لمطلق الإهداء للحرم وفقرائه .
ويقال عنها : أضحية والجمع أضاحيّ ، أو : ضَحيّة والجمع ضحايا ، أو أَضحاة والجمع أَضحَى ، وبه سمي عيد الأضحى ، أي الضحايا ، سميت بذلك لأنها تفعل في الضحى .
والأضحية المقصود بها شكر الله تعالى على نعمة الحياة إلى حلول الأيام الفاضلة من ذي الحجة ، كما شكر نبي الله إبراهيم ربه بذبح الكبش العظيم لبقاء حياة ابنه إسماعيل ، على نبينا وعليهما الصلاة والسلام ، ولشكر الله تعالى على شهود هذه الأيام المباركة وعلى التوفيق فيها للعمل الصالح ؛ لأنها خير أيام العام التي أقسم الله عز وجل بها {وَالْفَجْرِ . وَلَيَالٍ عَشْرٍ} (الفجر 001-002) وقال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم : « مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ ». يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلاَ الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ ؟ قَالَ : « وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلاَّ رَجُلاً خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ ».انرواه البخاري وغيره عن ابن عباس
فالإسلام الحنيف يعلم أتباعه أن يكون فرحهم لله وفي الله وبفضل الله {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} (يونس 058) فعيدا رمضان والأضحى هما فرح بطاعة الله وتوفيقه ورضاه ، ليتعود المسلم أن يكون فرحه لله وحزنه لله وعطاؤه لله ومنعه لله ، وأن يحيا لله ويموت له تبارك وتقدس .
والأضحية شرعت بدليل الكتاب والسنة والإجماع : قال تعالى : {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} (الكوثر 002) فمن تفسيرها : صل العيد وانحر الأضاحي :البُدن وغيرها ، والسنة في ذلك قولية وفعلية ؛ فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « مَنْ كَانَ لَهُ سَعَةٌ وَلَمْ يُضَحِّ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مُصَلاَّنَا ». أخرجه ابن ماجه والحاكم وصححه ، وعن أنس قال : ضَحَّى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا. أخرجه مسلم . وأجمع المسلمون على مشروعيتها .
وأما حكمها ، فالجمهور على أنها سنة مؤكدة ( أي أنه لا إثم في تركها ) يفوت المسلمَ خير كبير بتركها إذا كان قادرا على القيام بها ، فعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ ، إِنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلاَفِهَا ، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللَّهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الأَرْضِ ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا ». رواه ابن ماجه والترمذي وقال : حديث حسن غريب ورواه الحاكم وصححه .
وذهب بعض أهل العلم إلى وجوبها ، منهم أبو حنيفة ومالك في أحد قوليه .
وممن قال بأنها سنة من ذهب إلى أنها سنة عين ، لا تجزئ إلا عن صاحبها فقط ، ومنهم من ذهب إلى أنها سنة عين في حق المنفرد وسنة كفاية في حق أهل البيت الواحد – وهذا رأي الشافعية والحنابلة ، وهو ما نميل إليه - ، فالشخص يضحي عن نفسه وعن أهل بيته ولو بالشاة الواحدة ؛ قال أبو أيوب الأنصاري : كُنَّا نُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ يَذْبَحُهَا الرَّجُلُ عَنْهُ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ بَعْدُ فَصَارَتْ مُبَاهَاةً. أخرجه مالك وصححه النووي في المجموع . وأهل البيت الواحد هو من تلزم الشخص نفقتهم. ومعنى كونها سنة كفاية سقوط المطالبة عن الجميع بفعل الواحد منهم ، لا حصول الثواب لكل منهم ، إلا إذا قصد المضحي تشريكهم في الثواب .