اسمه:
علي بن محمد بن أحمد المالكي الحسني الإدريسي.
الميلاد:
ولد في رجب سنة 1251هـ = نوفمبر سنة 1835م، في قرية ببلا من أعمال ديروط بمحافظة أسيوط.
نسبته:
نُسِبَ إلى قرية ببلا، التي ولد فيها.
نشأته ومراحل تعليمه:
نشأ الشيخ الإمام علي الببلاوي في قريته وحفظ القرآن الكريم، ثم حضر إلى القاهرة فالتحق بالأزهر سنة 1269هـ، وتتلمذ على علمائه مثل الشيخ محمد الأنبابي، والشيخ محمد عليش، والشيخ علي بن خليل الأسيوطي واختص به، وقد استفاد من أساتذته النابهين كما انتفع بصداقة أصحابه الأوفياء، فقد كان من الأصدقاء الحميمين للشيخ حسونة النواوي، وسكن معه مدة التلمذة فكانا يُقيمان معًا ويحضران الدروس معًا ولا يفترقان إلا في درس الفقه حيث يحضر الشيخ النواوي حلقة الفقه الحنبلي، ويحضر الشيخ الببلاوي حلقة الفقه المالكي.
ولما بلغ أشده وآنس من نفسه القدرة العلمية باشر التدريس بالأزهر وبالمسجد الحسيني، حيث ألقى دروسًا في شرح الكتب المقررة في مناهج العلوم، وفي سنة 1280 هـ سافر إلى الحجاز فأدَّى فريضة الحج، فالتقى بكثير من علماء المسلمين، ولما عاد صدر قرار بتعيينه بدار الكتب المصرية، فدرس التنظيم المكتبي وشارك في تصنيف الكتب وفهرستها ولمع في التصنيف، ولما قامت الثورة العرابية ساعده صديقه الشاعر محمود سامي البارودي فولته الثورة رئاسة دار الكتب وأقامته ناظرًا لها سنة 1299هـ، وكان الكثيرون يتطلعون إلى ولاية هذا المنصب الكبير فلم يحصلوا عليه، وقد أشرف على تنظيم الفهارس تنظيمًا دقيقًا.
ولما انتهت الثورة العرابية وتمَّ القبض على زعمائها ونفيهم، توقع الشيخ الببلاوي القبض عليه ومحاكمته، ولكن الخديوي اكتفى بفصله من نظارة دار الكتب وعينه خطيبًا بالمسجد الحسيني، وفي صفر سنة 1311هـ = أغسطس 1893م، عينه شيخًا لهذا المسجد.
ولما غَضِبَ الخديوي على نقيب الأشراف وشيخ الطرق الصوفية السيد محمد توفيق البكري، أمره بالاستقالة من نقابة الأشراف، وفكر فيمن يخلفه، فأشار عليه الشيخ الإمام حسونة النواوي أن يُعيِّنَ الإمام الببلاوي نقيبًا للأشراف؛ لأنه من السلالة الطاهرة ولأنه أهل لهذا المنصب، وكان الشيخ حسونة النواوي وقتها رئيسًا لمجلس إدارة الأزهر قبيل إقامته شيخًا عليه، فقبل الخديوي وأصدر قرارًا بتعيين الشيخ الإمام الببلاوي نقيبًا للأشراف في السادس من شوال سنة 1312هـ الموافق 1 من إبريل سنة 1895م، فنظم النقابة تنظيمًا دقيقًا وضبط أوقافها، ونظم مواردها ومصادرها وكل ما يتعلق بنفقاتها، وبنى ست دور من أموال الأوقاف ليستغل إيرادها في النفقات التي تتطلبها النقابة، فانتظمت أمورها وتم صرف المستحقات في مواعيدها.
وفاتحه المسؤولون في ترك مشيخة المسجد الحسيني؛ لأن منصب النقابة يفوق هذا المنصب بكثير فرفض قائلا: إن كانت النقابة تمنعني من خدمة سيدنا الحسين فإني لا أقبلها، فظل مباشرًا المنصبين معًا حتى سنة 1320هـ، وفي هذه السنة غضب الخديوي على الشيخ الإمام سليم البشري، فرشح أحمد الرفاعي المالكي مكانه، فحالت بعض الحوائل دون تعيينه، وسعى الشيخ علي يوسف لدى الخديوي للشيخ المهدي بن العلامة محمد المهدي العباسي، فمال الخديوي للإجابة ولكن النظَّار اعترضوا عليه، فطلب الخديوي سجلات العلماء الكبار وراجعها، فوقع اختياره على الشيخ الإمام الببلاوي.
مؤلفاته:
- رسالة في فضائل ليلة النصف من شعبان، وتوجد منها نسخة خطية مكتوبة سنة 1313هـ رقم 22537 ب، وقد عَلَّق عليها ولده السيد محمد برسالة سماها (عروس العرفان في الحث على ترك البدع وشوائب النقصان على الرسالة الببلاوية بليلة النصف من شعبان).
- إجازة منه إلى الشيخ محمد بن حامد المراغي المالكي الجرجاوي، أجازه فيها بما في ثبت الشيخ محمد بن محمد الأمير الكبير، منها نسخة خطية بدار الكتب، رقم 312 مصطلح الحديث.
- إعجاز القرآن، وهو مجموعة مقالات نشرها الشيخ الإمام في روضة المدارسة، جمعها ابنه السيد محمود، وتوجد منها نسخة خطية بدار الكتب برقم 606 هـ.
- الأنوار الحسينية على رسالة المسلسل الأميرية.
ولايته للمشيخة:
صدر أمر الخديوي بإقالة الشيخ الإمام سليم البشري وتعيين الشيخ الإمام علي بن محمد الببلاوي شيخًا للأزهر في الثاني من ذي الحجة سنة 1320هـ، الموافق 1 من مارس سنة 1903م.
وذهب الشيخ الإمام الببلاوي إلى الخديوي لشكره، وصحب معه ابنه الأصغر السيد محمود، والتمس من الخديوي إقامته شيخًا على المسجد الحسيني مكانه، كما أقام من قبل أخاه محمد خطيبًا للمسجد، فقبل الخديوي طلبه.
وكان الخديوي -في هذا الوقت- مُستبدًّا لا يطيق رؤية رجل قوي مُصلح، ولهذا ضاق بالشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية وعضو مجلس إدارة الأزهر، وصاحب الكلمة العليا فيه، فأراد أن يحمل الشيخ الإمام الببلاوي على معارضة الشيخ محمد عبده وعرقلة جهوده في الإصلاح، ولكن الشيخ الإمام لم يستجب لرغبة الخديوي؛ لأنه ملتزم بالحق ومتعاون مع كل مجاهد في سبيله، متمسك بحبله المتين، ولهذا وافق الشيخ الإمام الببلاوي الشيخ محمد عبده في كل مساعيه الإصلاحية، واستجاب له وأحبه وامتزج به، مع علمه أن هذا يغضب الخديوي وأنه قد يسلبه منصبه الكبير، ومنصب ولديه.
ولكن الحق أحق أن يتبع، وقد أخذ أعداء الشيخ الإمام الببلاوي والشيخ محمد عبده يدسون للوقيعة بينهما، فادعوا أن الشيخ محمد عبده سلب الشيخ الببلاوي كل سلطة حتى لم يَعُدْ له من الرئاسة للأزهر إلا اسمها، وأن الكلمة كلمة المفتي، وهو الشيخ محمد عبده وقتها، فلما بلغه ذلك قال: إن الشيخ المفتي لا يريد إلا الإصلاح فلا وجه لمعارضته، فكان ذلك سببًا لانصراف الخديوي عن الشيخ الإمام الببلاوي، وضاق الشيخ محمد عبده بما يحاك حوله وبالعقبات التي توضع في طريق مناهجه الإصلاحية في الأزهر، فانصرف عن الأزهر، وأحسَّ الشيخ الإمام الببلاوي أن الأمور لا تبدو موافقة للمصلحة العامة فقدَّم استقالته من المشيخة في التاسع من المحرم سنة 1323هـ، الموافق 15 مارس سنة 1905م، وتوفي في هذه السنة.
وفاته:
توفي الشيخ الإمام علي بن محمد الببلاوي -رحمه الله- في الثالث من ذي القعدة سنة 1323هـ، الموافق 29 من ديسمبر سنة 1905م، وشيعت جنازته بعد الصلاة عليه بالمسجد الحسيني، ودُفِنَ في بستان العلماء بقرافة المجاورين.
مصادر ترجمته:
- الأزهر خلال ألف عام، محمد عبد المنعم خفاجي ص 370.
- الأزهر في اثني عشر عامًا، نشر إدارة الأزهر.
- التاريخ الحسيني للشيخ محمود الببلاوي بن الشيخ الإمام.
- شيوخ الأزهر، تأليف: أشرف فوزي.
- مشيخة الأزهر منذ إنشائها حتى الآن، تأليف علي عبد العظيم