زكاة الفطر: هي الزكاة التي يجب إخراجها على المسلم قبل صلاة عيد الفطر بِمقدار محدد – صاع من غالب قُوتِ البلد- على كُلِّ نَفْسٍ من المسلمين؛ لحديث ابن عمر-رضي الله عنهما- في الصحيحين: « أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فرض زَكَاةَ الفِطْرِ من رمضان على الناس صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على كل حُرٍّ أو عَبْدٍ ذكر أو أنثى من المسلمين »، ويخرجها العائل عمَّن تلزمه نفقته.
و شرط وجوبها هو اليسار، أمَّا الفقير المعسر الذي لم يَفُْضل عن قُوتِه وقُوتِ مَنْ في نفقته ليلةَ العيد ويومَهُ شيءٌ فلا تجب عليه زكاة الفطر؛ لأنه غيرُ قادِر.
وقد شرعها الله تعالى طُهْرَةً للصائم من اللغو والرفث، و إغناءً للمساكين عن السؤال في يوم العيد الذي يفرح المسلمون بقدومه؛ حيث قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم: « أغنوهم عن طواف هذا اليوم» (144).
وتجب زكاة الفطر بدخول فجر يوم العيد عند الحنفية، بينما يرى الشافعية والحنابلة أنها تجب بغروب شمس آخر يوم من رمضان، و أجاز المالكية والحنابلة إخراجها قبل وقتها بيوم أو يومين؛ فقد كان ابن عمر -رضي الله عنهما- لا يرى بذلك بأسا إذا جلس من يقبض زكاة الفطر، وقد ورد عن الحسن أنه كان لا يرى بأ ًسا أن يُعَجِّلَ الرجل صدقة الفطر قبل الفطر بيوم أو يومين( 145).
ولا مانع شرعًا من تعجيل زكاة الفطر من أول دخول رمضان، كما هو الصحيح عند الشافعية؛ لأنها تجب بسببين: بصوم رمضان والفطر منه, فإذا وجد أحدهما جاز تقديمه على الآخر.
وزكاة الفطر تخرج للفقراء والمساكين وكذلك باقي الأصناف الثمانية التي ذكرها الله تعالى في آية مصارف الزكاة، قال تعالى: { ِإنما الَّصدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالمساكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمَُؤلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَ َسبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ الَّسبِيلِ فَرِيَضةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60 ].
ويجوز أن يعطي الإنسان زكاة فطره لشخص واحد كما يجوز له أن يوزعها على أكثر من شخص، والتفاضل بينهما إنما يكون بتحقيق إغناء الفقير فأيهما كان أبلغ في تحقيق الإغناء كان هو الأفضل.
وزكاة الفطر تكون صاعًا من غالب قُوتِ البلد كالأرز أو القمح مثلا، والصاع الواجب في زكاة الفطر عن كل إنسان صاعٌ بصاعِ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم، وهو ي ساوي 2.04 كجم تقريبًا، ومن زاد على هذا القدر الواجب جاز، ووقع هذا الزائد صدقةً عنه يُثَاب عليها إن شاء الله تعالى.
و إخراجُ زكاة الفطر طعامًا هو الأصل المنصوص عليه في السنة النبوية المطهرة، وعليه جمهور فقهاء المذاهب المتَّبَعة، إلا أن إخراجها بالقيمة أمرٌ جائزٌ ومجزئ، وبه قال فقهاء الحنفية، وجماعة من التابعين، وطائفة من أهل العلم قديمًا وحديثًا، وهو أيًضا رواية رُخمََّجة عن الإمام أحمد، بل إن الإمام الرملي الكبير من الشافعية قد أفتى في فتاويه بجواز تقليد الإمام أبي حنيفة -رضي الله عنه- في إخراج بدل زكاة الفطر دراهم لمن أسله عن ذلك (146) ، وهذا هو الذي عليه الفتوى الآن؛ لأن مقصود الزكاة الإغناء، وهو يحصل بالقيمة والتي هي أقرب إلى منفعة الفقير؛ لأنه يتمكن بها من شراء
ما يحتاج إليه، ويجوز إعطاء زكاة الفطر لهيئة خيرية تكون كوكيلة عن صاحب الزكاة في إخراجها إلى مستحقيها.
ولا تجب زكاة الفطر عن الميت الذي مات قبل غروب شمس آخر يومٍ من رمضان؛ لأن الميت ليس من أهل الوجوب، ولا يجب إخراج زكاة الفطر عن الجنين إذا لم يولد قبل مغرب ليلة العيد كما ذهب إلى ذلك جماهير أهل العلم، فالجنين لا يثبت له أحكام الدنيا إلا في الإرث والو صية بشرط خروجه حيًّا، لكن من أخرجها عنه فحسن؛ لأن بعض العالمء -كالإمام أحمد- استحب ذلك؛ المروي من أن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- كان يعطي صدقة الفطر عن الصغير والكبير حتى عن الحمل في بطن أمه؛ ولأنها صدقة عمن لا تجب عليه, فكانت مستحبة كسائر صدقات التطوع.
================================================
(145)سنن الدارقطني ( 2/ 152 )، ط دار المعرفة، بيروت، سنة 1386 ه، والسنن الكبرى للبيهقي ( 4/ 175 )، واللفظ له.
( 145) مصنف ابن أبي شيبة ( 3/ 115 ).
( 146) فتاوى الرملي ( 2/ 55 ، 56 )، ط المكتبة الإسلامية.