وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الْجَنَّةَ))، وفي المسند: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله وحده، ثم الجهاد، ثم حجة برة تفضل سائر الأعمال ما بين مطلع الشمس إلى مغربها))، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)).
ويكون مبرورا باجتماع أمرين:
*****************
فمغفرة الذنوب بالحج ودخول الجنة به مرتب على كون الحج مبرورا، وإنما يكون مبرورا باجتماع أمرين فيه:
أحدهما: الإتيان فيه بأعمال البر، والبر يطلق بمعنيين:
******************
شطر البر: الإحسان إلى الناس
******************
أحدهما: بمعنى الإحسان إلى الناس كما يقال البر والصلة وضده العقوق، وفي صحيح مسلم: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن البر؟ فقال: البر حسن الخلق))،
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: "إن البر شيء هين، وجه طليق وكلام لين"، وهذا يحتاج إليه في الحج كثيرا أعني معاملة الناس بالإحسان بالقول والفعل،
قال بعضهم: إنما سمي السفر سفرا؛ لأنه يسفر عن أخلاق الرجال،
وفي المسند عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، قالوا: وما بر الحج يا رسول الله؟ قال: إطعام الطعام وإفشاء السلام)) وفي حديث آخر: ((وطيب الكلام))،
وسئل سعيد بن جبير: أي الحاج أفضل؟ قال: "من أطعم الطعام، وكف لسانه"، قال الثوري: "سمعت أنه من بر الحج"، وفي مراسيل خالد بن معدان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما يصنع من يؤم هذا البيت إذا لم يكن فيه خصال ثلاثة: ورع يحجزه عما حرم الله، وحلم يضبط به جهله، وحسن صحابة لمن يصحب وإلا فلا حاجة لله بحجه))،
وقال أبو جعفر الباقر: "ما يعبأ من يؤم هذا البيت إذا لم يأت بثلاثة: ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلم يكف به غضبه، وحسن الصحابة لمن يصحبه من المسلمين فهذه الثلاثة يحتاج إليها في الأسفار خصوصا في سفر الحج فمن كملها فقد كمل حجه وبر، ومن أجمع خصال البر التي يحتاج إليها الحاج ما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم أبا جري الهجيمي فقال: ((لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تعطي صلة الحبل، ولو أن تعطي شسع النعل، ولو أن تنحي الشيء من طريق الناس يؤذيهم، ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منطلق، ولو أن تلقى أخاك المسلم فتسلم عليه، ولو أن تؤنس الوحشان في الأرض)).