إن ظهور قانون الصدفة.. و نظرية داروين.. و أن المادة خلقت قبل الروح.. و كل ما نسمع اليوم من تشكيك في الإيمان و في وجود الله سبحانه و تعالى.. قد سجله القرآن.. و أنبأنا به.. و قال إن المضلين سيأتوا ليقولوا لكم أكاذيب عن خلق السموات و الأرض.. و عن خلق الإنسان.. و إذا لم يكن الحديث عن الأجنة في القرآن.. عن يقين كامل.. لكان القرآن قد أعطى معه و سيلة هدمه.. ذلك أن هذا الكتاب سيستمر إلى يوم القيامة.. فإذا جاء العلم عبر ألوف السنين.. و أثبت عدم صحة ما ذكره القرآن.. ضاعت قضية الإيمان كله.. و لكن القائل هو الله و الفاعل هو الله..
إن إعجاز القرآن لم يتوقف.. و لن يتوقف.. و إذا كان القرآن قد تحدى الكفار في عصر نزوله بأن أنبأهم بما يدور في داخل صدورهم.. و أنبأهم بمصائرهم.. فإنه يتحدى الكفار حتى هذا الزمان.. في هذا الوقت الذي نعيش فيه.. بل و يستخدمهم.. في ماذا..؟في إثبات قضية الإيمان.. تماما كما استخدمم وقت نزوله في إثبات فضية الإيمان.. إن هدف الكفار و المضلين عن سبيل الله هو إنكار هذا الدين و إنكار وجود الله.. و لكن القرآن جاء.. و بعد أربعة عشر قرنا ليستخدم الكفار في أثبات أن دين الله هو الحق.. و أن هذا الكلام هو كتاب الله المنزل على رسوله محمد صلى الله عليه و سلم.. و هذا هو موضوعنا.. عندما يقول الله سبحانه و تعالى:
( ولكن أكثر الناس لا يعلمون)
و يقول:( يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا و هم عن الآخرة هم غافلون)..
يكون قد أعطاني أن الإنسان يعلم ظاهرا من الحياة في هذه الدنيا و لكنه غافل عن أمر الآخرة.. أي أن مدى علم الإنسان.. هو الحياة الدنيا.. و أن العلم نوعان.. نوع مطروح لك لإيجاد نشاطك فيه كما تريد.. و بلا قيود.. و لا حدود.. و نوع ليس لك الحرية فيه لأنك لا تعلمه.. و هذا النوع افعل كذا .. و لا تفعل كذا.. تقرب إلي بكذا.. و اترك كذا.. هذه ليست اجتهاداتك أنت.. لأن المعبود يقترح على العابد ما يعظمه به.. و النقاش في شئ لابد أن يتم بين عقول متساوية أو متقاربة في القدرة.. و من منا يمتلك عقلا يقترب من قدرة الله.. لا أحد إذن.. فنحن نأخذ أفعل و لا تفعل عن الله.. و ما شرحته لنا السنة.. أما نشاطات الحياة الأخرى.. و آيات الله في الكون.. فالمطلوب أن أبحث فيها و أتأمل.. أصل فيها إلى حقائق انتفع بها..
يتبع....