يقول تعالى:( لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28))
و هكذا نرى أن الله سبحانه و تعالى تكلم عن الجماد.. و تكلم عن النبات.. و تكلم عن الحيوان و الإنسان.. ثم يقول الله سبحانه و تعالى:
(إنما يخشى الله من عباده العلماء)..
العلماء في ماذا؟ فيما يتعبق بخلق الله من الجماد و الحيوان و النبات و الإنسان. و لذلك ذكر الله سبحانه و تعالى المتناقضات الموجودة في النوع الواحد.. إنما قوله تعالى:
(ثمرات مختلفا ألوانها)..
كان يجب أن نلتفت إليها.. و لماذا أختلفت ألوانها.. و ما هي العلاقة بين الألوان و الطبيعة.. مثلا حينما يتغذى النبات وجد من الدراسة أنه يتغذى بوساطة خاصية الأنابيب الشعرية.. و هنا نقف قليلا.. هل هذه الأنابيب الشعرية تميز.. هل تستطيع التمييز.. إذا جئنا بحوض.. و وضعنا فيه سائلا مذابا فيه أصناف مختلفة.. ثم جئنا بالأنابيب الشعرية.. نجد أن الماء قد صعد في مستوى أعلى من مستوى الإناء.. و لكن هل كل أنبوبة ميزت عنصرا أخذته.. أم أن كل أنبوبة أخذت من جميع العناصر و هي مذابة.. و لكن النبات ليس هكذا.. إنني أزرع الحنظل.. بجانب القصب.. فيخرج هذا حلوا.. و هذا مرا.. هذا يأخذ عناصره.. و هذا يأخذ عناصره من نفس التربة.. إذن هناك أختيار.. و من هنا ظهر ما سمي بخاصية الإنتخاب.. الإنتخاب معناه الإختيار بين بديلات.. أي أنك تترك هذا و تأخذ هذا.. و لذلك قال الله سبحانه و تعالى:
(يسقى بماء واحد و نفضل بعضها على بعض في الأكل)
لكن خاصية الأنابيب الشعرية تتعامل مع السائل كله.. بلا تمييز.. و من هنا نعرف أن الخاصية شئ.. و اختيار النبات للعناصر الغذائية التي يريدها أو يحتاجها شئ أخر..
نأتي بعد ذلك للجماد.. يقول الله سبحانه و تعالى:
(و من الجبال جدد بيض و حمر مختلف ألونها و غرابيب سود)..
هذا علم الجماد.. و هو علم تحويه الآن مجلدات.. ثم بعد ذلك الإنسان.. أجناس الوجود كلها.. ثم بعد ذلك قال الله تعالى:
(إنما يخشى الله من عباده العلماء)
العلماء في ماذا؟ بهذه كلها.. إذن كلمة العلماء أطلقت على من يتفكر في خلق الله.. سواء كان جمادا أو حيوانا أو نباتا.. و الذهن النشط يستطيع أن يصل إلى تلك العلوم الأرضية بالتجربة و الملاحظة.. و الدليل على ذلك إذا استعرضت تاريخ أي مخترع من المخترعات في الكون التي أراحت الناس.. تجد إنها لإنسان قد لاحظ بدقة.. و لم تمر عليه المسألة كباقي الناس.. و العلم مكانه المعمل و الملاحظة و التجربة..