ورد ضرب النساء في القرآن في موضع واحد في قوله تعالي: "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن"( النساء:12), والنشوز هو مخالفة اجتماعية واخلاقية.
حيث تمتنع المرأة عن أداء واجباتها, وتلك الواجبات هي حقوق الله أو حقوق المجتمع, أو حقوق الأسرة أو الزوج, كما أن واجبات الزوج تعتبر حقوقا للزوجة في هذه المناحي.
وقد عبرت الآية بحرف الواو الذي يفيد مطلق الجمع, ولايفيد الترتيب, إشارة إلي اختلاف الثقافات السائدة, حيث إن الإسلام دين عالمي يخاطب البشرية جمعاء عبر الزمان والمكان واختلاف الأشخاص والأحوال, فهناك ثقافة تتحمل الوعظ, وهناك ثقافة أخري تري في الهجر نوعا من أنواع التأديب وفي بعض الأحيان تري فيه نوعا من أنواع الاعتراض, بحيث إن المرأة في تلك الثقافة لاتتأكد من رفض زوجها حالها إلا بهذا الهجر, ولاتعده انتقاما أو إضرارا بقدر ما تعرف به مدي غضب زوجها وجديته في طلب التغيير, وكذلك الضرب, ففي بعض الثقافات التي مرت علي البشر كان ذلك هو الوسيلة التي تعرف بها المرأة الرفض والغضب من زوجها, وتعد ما سواه نوعا من أنواع الدلال, إلا أن الضرب كان غرضه التأديب وإظهار الغضب أو الرفض وليس الإضرار أو الانتقام أو الإهانة أو الانتقاص, ولذلك كان يتم بأبسط الأشياء كالسواك( فرشة الأسنان) بحيث لاتتأذي المرأة بأي حال من الأحوال.
إن الإسلام عندما أباح تلك الضربة الخفيفة في هذه الحالة وفي تلك الثقافات, قصد إلي الحفاظ علي الأسرة, بارتكاب أخف الضررين.
وبالمقابل فقد نص الفقهاء علي أن الرجل يضرب ويؤدب كذلك إذا أخطأ في حق المرأة,
وعندما ضرب كثير من الرجال نساءهم في زمن النبي صلي الله عليه وسلم, ذهبن للشكوي إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فعنف النبي صلي الله عليه وسلم من فعل من أصحابه, وغضب منهم, وقال لهم:" لقد طاف بآل محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم"( سنن أبي داود245/2) فسنة النبي صلي الله عليه وسلم التي نحث المسلمين عليها, هي عدم الضرب, كما جاء نصا عن عائشة قالت: ما ضرب رسول الله صلي الله عليه وسلم بيده شيئا قط, ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله( صحيح مسلم1814/4).
والواقع أنه لو بحثنا في المجتمعات الإسلامية عن وجود شكوي العنف ضد النساء, أو التعذيب ضدهن أو ضربهن ـ لوجدنا ذلك في حالات معدودة وقليلة ناتجة عن عدم التزام تلك الحالات بتعاليم دينهم الحنيف. فأغلب الرجال في المجتمعات الإسلامية لايمارسون العنف والضرب ضد النساء, ويصون الرجال النساء في تلك المجتمعات ويحافظون عليهن.
وفي المقابل إذا أردنا أن نقرأ واقع الغرب وضرب النساء الظالم الشائع فيه, نجد الإحصائيات الموثقة من المصادر الغربية نفسها تشهد بأن:
ـ79% من الرجال في أمريكا يضربون زوجاتهم ضربا يؤدي إلي عاهة.
ـ17% منهن تستدعي حالاتهن الدخول للعناية المركزة..
والذي كتب ذلك هو الدكتور( جون بيريه) استاذ مساعد في مادة علم النفس في جامعة( كارولينا).
حسب تقرير الوكالة المركزية الأمريكية للفحص والتحقيق, هناك زوجة يضربها زوجها كل18 ثانية في أمريكا.
كتبت صحيفة أمريكية أن امرأة من كل10 نساء يضربها زوجها, فعقبت عليها صحيفة إن امرأة من كل امرأتين يضربها زوجها وتتعرض للظلم والعدوان( ومن شاء المزيد فليرجع الي تقرير لجنة الكونجرس الأمريكية لتحقيق جرائم الأحداث في أمريكا تحت عنوان( أخلاق المجتمع الأمريكي المنهارة).
ـ أما في فرنسا فهناك مليونا امرأة معرضة للضرب سنويا.. امينة سر الدولة لحقوق المرأة( ميشيل ندريه) قالت: حتي الحيوانات تعامل أحيانا افضل من النساء, فلو أن رجلا ضرب كلبا في الشارع سيتقدم شخص ما يشكو لجمعية الرفق بالحيوان, لكن لو ضرب رجل زوجته في الشارع فلن يتحرك أحد في فرنسا.
ـ92% من عمليات الضرب تقع في المدن, و60% من الشكاوي الليلية التي تتلقاها شرطة النجدة في باريس هي استعانة من نساء يسيء أزواجهن معاملتهن.
وفي بريطانيا يفيد تقرير أن77% من الأزواج يضربون زوجاتهن دون أن يكون هناك سبب لذلك.
وأن اكثر من50% من القتيلات كن ضحايا الزوج أو الشريك. وارتفع العنف في البيت بنسبة46% خلال عام واحد الي نهاية آذار1992, كما وجد أن25% من النساء يتعرضن للضرب من قبل أزواجهن أو شركائهن. وتتلقي الشرطة البريطانية100 ألف مكالمة سنويا لتبلغ شكاوي اعتداء علي زوجات أو شريكات, ويستفاد من التقرير نفسه أن أمرأة ذكرت أن زوجها ضربها ثلاث سنوات ونصف سنة منذ بداية زواجها, وقالت: لو قلت له شيئا إثر ضربي لعاد ثانية لذا أبقي صامتة, وهو لايكتفي بنوع واحد من الضرب بل يمارس جميع أنواع الضرب.
إن مفهوم الضرب بهذه الصفة لاشك أنه مصيبة يجب علي جميع البشر الوقوف ضدها, وفقهاء المسلمين يقفون ضد هذا الضرب, والنبي صلي الله عليه وسلم يبين أن العلاقة بين الرجل والمرأة تقوم علي المودة والرحمة وهذا يتنافي مع الضرب والإيذاء, ولذلك يستنكر النبي صلي الله عليه وسلم ذلك استنكارا شديدا فيقول صلي الله عليه وسلم: "يضرب أحدكم امرأته كما يضرب العبد ثم يجامعها في آخر اليوم؟"( صحيح البخاري1997/5), ولعل في ذلك ردا علي من زعم أن الإسلام أهان المرأة بأن أباح للرجل ضربها.