وحقيقة العبودية : الحب التام، مع الذل التام والخضوع للمحبوب . تقول العرب "طريق معبد" أي قد ذللته الأقدام وسهلته.
العاشرة "مرتبة الخلة" التي انفرد بها الخليلان – إبراهيم ومحمد صلى الله عليهما وسلم - كما صح أنه قال (إن الله اتخذني خليلا، كما اتخذ إبراهيم خليلا) (1) و"الخلة" هي المحبة التي تخللت روح المحب وقلبه، حتى لم يبق فيه موضع لغير المحبوب.
"المحبة: تعلق القلب بين الهمة والأنس". يعني: تعلق القلب بالمحبوب تعلقًا مقترنًا بهمة المحب، وأنس ه بالمحبوب، في حالتي بذله ومنعه، وإفراده بذلك التعلق. بحيث لا يكون لغيره فيه نصيب.
وبالمحبة تفنى خواطر المحب عن التعلق بالغير . وأول ما يفنى من المحب : خواطره المتعلقة بما سوى محبوبه. لأنه إذا انجذب قلبه بكليته إلى محبوبه انجذبت خواطره تبعًا.
كذلك فإن المحب يجد في لذة المحبة ما ينسيه المصائب ولا يجد من مسها ما يجد غيره.
ومن أعظم مطالعة منة الله على عبده : تأهيله لمحبته ومعرفته، وإرادة وجهه، ومتابعة حبيبه. وأصل هذا : نور يقذفه الله في قلب العبد . فإذا دار ذلك النور في قلب العبد وذاته أشرقت ذاته. فرأى فيه نفسه، وما أُهلت له من الكمالات والمحاسن. فعلت به همته. وقويت عزيمته. وانقشعت عنه ظلمات نفسه وطبعه . لأن النور والظلمة لا يجتم عان إلا ويطرد أحدهما صاحبه. فرقيت الروح حينئذ بين الهيبة والأنس إلى الحبيب الأول.
==============================================
1- رواه عبد الله بن عمرو وأخرجه الديلمي في (الفردوس بمأثور الخطاب :1/177) برقم 660