جاءوا في أول الأشياء بالخلق .. خلق السموات و الأرض .. شئ هو من صنع الله سبحانه و تعالى حينما يتحدث عنه في القرآن الكريم .. فهو يتحدث عن شئ لا يعلمه إلا الله .. و بالتالي فإن أي تناقض ظاهري في هذه العملية مسألة تخدم قضيتهم في محاربة هذا الدين .. ماذا قال المستشرقون؟ .. قالوا: إن القرآن الكريم قال في عدة سور .. أن الأرض و السموات خلقتا في ستة أيام .. و في سورة فصلت: أن أيام الخلق ثمانية .. و قالوا أنها هفوة بشرية .. و نسيان ..
خرجوا من ذلك بأن قائل هذا الكلام هو محمد صلى الله عليه و سلم .. و هذا هو هدفهم .. تعالوا نناقش ماذا قال القرآن الكريم في سورة الأعراف:
"إن ربكم الله الذي خلق السموات و الأرض في ستة أيام"
و قال في سورة يونس:
"إن ربكم الله الذي خلق السموات و الأرض في ستة أيام"
و في سورة الفرقان:
"الذي خلق السموات و الأرض و ما بينهما في ستة أيام"
.. إذن أجمعت كل هذه الآيات على أن خلق السموات و الأرض و ما بينهما تم في ستة أيام .. لا خلاف في ذلك و لا جدال .. فإذا انتقلنا بعد ذلك إلى سورة فصلت .. حيث فصل الله سبحانه و تعالى خلق السموات و الأرض يأتي في الآية التي تقول:
قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴿9﴾ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ ﴿10﴾ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴿11﴾ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴿12) (سورة فصلت)
إذا أحصينا عدد الأيام في السورة الكريمة .. نجد أن الله سبحانه و تعالى يقول أنه خلق الأرض في يومين و جعل فيها رواسي من فوقها .. و قدر فيها أقواتها في أربعة أيام .. ثم استوى إلى السماء .. ثم يقول الله سبحانه و تعالى:
"فقضاهن سبع سموات في يومين .. و أوحى في كل سماء أمرها"
إذا أحصينا أيام الخلق في سورة فصلت نجد أنها ثمانية يومان لخلق الأرض .. و أربعة أيام قدر فيها رزقك و بارك فيها .. أيام الخلق هذه ستة أيام .. يومان آخران للسموات إذن فهي ثمانية أيام ..
يأتي هنا المستشرقون ليقولوا أن القرآن الكريم تناقض مع نفسه .. و أنه يقول في عدة آيات أن خلق السموات و الأرض في ستة أيام .. ثم يأتي ليقول أن الخلق تم في ثمانية أيام .. و يضيفون أن هذه غفلة لأن قائله بشر ..
و لو أننا دققنا في الآية الكريمة التي يجادلون فيها لوجدنا بدايتها تختلف عن الآيات السابقة فالله سبحانه و تعالى يقول:
" قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ"
و من هنا بدأت الآية بمخاطبة الكافرين الذين يجعلون لله أندادا .. و يجادلون فيه أي أن الله سبحانه و تعالى أراد أن يخبرنا أن الذي يستخدم هذه الآية الكريمة في التشكيك في القرآن الكريم هم أؤلئك الكافرون الذين يريدون أن ينشروا و يذيعوا الكفر بين الناس .. و يريدوا أن يجعلوا لله أندادا .. و هم في الحالتين غير مؤمنين يحاربون الله .. و يحاربون دينه .. إن بداية هذه الآية معجزة .. لأن الذين يجادلون فيها .. هم أؤلئك الذين يحاربون هذا الدين .. و يكفرون بالله و يحاولون التشكيك .. فكون الله سبحانه و تعالى قال في هذه الآية الكريمة :
" و تجعلون لله أندادا" ..
و قال:
"أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض"
كأنما هو يخاطب هنا أؤلئك الذين سيأتون بعد قرون عديدة للتشكيك في القرآن الكريم مستخدمين هذه الآية بالذات في محاولة التشكيك ..
و نحن نقول لهم أن من يقول هذا الكلام .. إما أن يكون متعمدا أو غافلا من مدلولات النص ، فالله سبحانه و تعالى يقول:
"أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ .. وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا"