يقول سبحانه و تعالى:
"و جعل فيها رواسي من فوقها و بارك فيها و قدر فيها أقواتها".
إذن الله سبحانه و تعالى يتحدث هنا عن إتمام خلق الأرض .. هو يعطينا تفصيل الخلق .. فيقول خلق الأرض في يومين .. ثم يتم بعد ذلك الحديث عن الخلق فيقول .. "و جعل فيها رواسي و قدر فيها أقواتها في أربع أيام" .. ما دام الحديث تتمة لنفس الشئ الذي بدأ الكلام عنه .. و هو الأرض .. أي أن الله سبحانه و تعالى لم ينتقل عن الحديث عن السموات .. و إنما هو يفصل كيفية خلق الأرض .. فهو يتم لنا زمن خلق الأرض .. فهو يقول: انني خلقت الأرض في يومين .. ثم أتممت خلقها في أربعة أيام .. إذن فمدة الخلق ، كلها بالنسبة للأرض هي أربعة أيام .. و ليست ستة.
و لنضرب مثلا يقرب ما نقوله للأذهان .. إذا فرض أنني ذاهب إلى الأسكندرية .. و أن القطار سيتوقف في مدينة طنطا .. فأنا أقول أن القطار سيتوقف في مدينة طنطا بعد ساعة .. و في الأسكندرية بعد ساعتين و نصف .. فهل معنى ذلك أن المسافة بين القاهرة و الأسكندرية ثلاث ساعات و نصف أبدا .. المسافة بين القاهرة و الأسكندرية هي التي ذكرتها مؤخرا .. أما الساعة التي سيستغرقها القطار من القاهرة إلى طنطا فهذه جزء يدخل ضمن الساعتين و النصف .. لماذا؟ .. لأن طنطا جزء من الطريق بين القاهرة و الأسكندرية ..
و الله سبحانه و تعالى يتحدث عن خلق الأرض .. فهو يقول سبحانه و تعالى .. انني خلقت الأرض في يومين .. ثم أتممت عملية الخلق بأن جعلت فيها رواسي من فوقها .. و باركت فيها أقواتها في أربعة أيام .. كأن الأيام الأريعة هي كل الفترة التي استغرقتها .. عملية خلق الأرض .. منها يومان لخلق الأرض .. و يومان لاتمام الخلق بأن جعل الله سبحانه و تعالى رواسي من فوقها .. و بارك فيها أقواتها .. المدة كلها هي أربعة أيام .. و ليست ستة أيام .. الله سبحانه و تعالى أراد أن يفسر لنا أنه خلق الأرض في يومين ثم أتم خلقها بكل ما فيها من أقوات و رواسي بما في ذلك خلق الأرض نفسها أربعة أيام .. فكأن اليومين الأولين جزء من الأيام الأربعة التي استغرقها خلق الأرض ..
مثل بالضبط عندما تقول أن القطار يستغرق من القاهرة إلى الأسكندرية ساعتين و نصفا .. و بين القاهرة و طنطا ساعة .. المسافة كلها ساعتان و نصف .. و لكنك أردت أن تفصل الجزء من الكل .. فذكرت بالتفسير جزءا من الكل .. و ليس معنى هذا أن هذا الجزء اضافة الكل .. هذا جزء من الكل نستخدمه جميعا في حياتنا اليومية كل يوم .. أقول وضعت أساس العمارة في ثلاثة أشهر .. و أتممت بناءها في عام .. هل معنى هذا أن العمارة استغرقت عاما و ثلاثة أشهر .. لا .. لقد أتممتها في عام .. و لكن جزء الأساس استغرق ثلاثة أشهر من عام البناء .. هنا تحدثت بالتفصيل .. و الجزء من الكل .. ليس منفصلا .. و لا زائد عنه .. تقول هذا المشروع تتم مرحلته الأولى في عام .. و ينتهي في عامين .. هل معناه أنه يستغرق ثلاثة أعوام .. لا .. عامين .. لأن المرحلة الأولى هي جزء من الكل.