هناك آداب تتعلق بنفسية المحاور وشخصه، وهناك ظروف نفسية قد تطرأ على الحوار
فتؤثر عليه تأثيرًا سلبيًا، فينبغي مراعاة ذلك حتى يحقق الحوار غاياته ويؤتي ثمراته.
وأهم هذه الآداب النفسية :
أولا : تهيئة الجو المناسب للحوار
فلابد من الابتعاد عن الأجواء الجماعية والغوغائية، لأن الحق قد يضيع في مثل هذه
الأجواء. كما ينبغي اختيار المكان الهادئ وإتاحة الزمن الكافي للحوار.
كما ينبغي مراعاة الظرف النفسي والاجتماعي للطرف الآخر، فلا يصلح أبدًا أن يتم الحوار
مع شخص يعانى من الإرهاق الجسدي أو النفسي، لأن هذه الأمور ستؤثر على الحوار.
ومن الوسائل في تهيئة الجو المناسب للحوار:
١ - التعارف بين الطرفين .
٢ - طرح أسئلة في غير موضوع الحوار لتهيئة نفسية الطرف الآخر.
( ٣ - التقديم للحوار بكلمات مناسبة ومقدمات لطيفة تلفت انتباه الطرف الآخر. ( ١
ثانيًا : الإخلاص وصدق النية
لابد من توفر الإخلاص لله وحسن النية وسلامة القصد في الحوار والمناظرة، وأن
يبتعد المناظر عن قصد الرياء والسمعة، والظهور على الخصم والتفوق على الآخرين،
والانتصار للنفس، وانتزاع الإعجاب والثناء.
ومن دلائل الإخلاص لله والتجرد لطلب الحق أن يفرح المحاور إذا ظهر الصواب على لسان
مخالفه، كما قال الشافعي : "ما ناظرت أحدًا إلا تمنيت لو أن الله أظهر الحق على لسانه".
ويعينه على ذلك أن يستيقن أن الآراء والأفكار ومسالك الحق ليست ملكًا لواحد أو طائفة،
والصواب ليس حكرًا على واحد بعينه.
ثالثًا : الإنصاف والعدل
من المبادئ الأساسية في الحوار : العدل والإنصاف، ومن تمام الإنصاف قبول الحق من
الخصم، والتفريق بين الفكرة وقائلها، وأن يبدي المحاور إعجابه بالأفكار الصحيحة
والأدلة الجيدة، ومن نماذج الإنصاف ما ذكره الله سبحانه في وصف أهل الكتاب :
( ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون )
آل عمران: ١١٣
رابعًا :التواضع وحسن الخلق
إن التزام الأدب وحسن الخلق عمومًا، والتواضع على وجه الخصوص له دور كبير في
إقناع الطرف الآخر، وقبوله للحق وإذعانه للصواب، فكل من يرى من محاوره توقيرًا
وتواضعًا، ويلمس خلقًا كريمًا، ويسمع كلامًا طيبًا، فإنه لا يملك إلا أن يحترم محاوره، ويفتح
قلبه لاستماع رأيه.
وفي الحديث الصحيح : "وما تواضع أحٌد لله إلا رفعه الله " . أي يرفع منزلته في الدنيا
عند الناس، وكذلك يرفعه في الآخرة ويزيد من ثوابه فيها بتواضعه في الدنيا.
ومما ينافي التواضع : العجب والغرور والتكبر .