الاختلاف المذموم:
====================
وهو اختلاف تضاد ، ويرجع إلى أسباب خلقية متعددة ، ومن هذه الأسباب :
١- الغرور بالنفس والإعجاب بالرأي .
٢- سوء الظن والمسارعة إلى اتهام الآخرين بغير بينة .
٣- الحرص على الزعامة أو الصدارة أو المنصب .
٤- اتباع الهوى وحب الدنيا .
٥- التعصب لأقوال الأشخاص والمذاهب والطوائف .
٦- العصبية لبلد أو إقليم أو حزب أو جماعة أو قائد .
٧- قلة العلم في صفوف كثير من المتصدرين .
٨- عدم التثبت في نقل الأخبار وسماعها .
وهذه الأسباب وغيرها من الرذائل الأخلاقية والمهلكات هي التي ينشأ عنها اختلاف غير محمود وتفرق مذموم ، وكل واحد من هذه الأسباب يطول شرحه ، وسنأتي على ذكر الكثير من هذه الأسباب عند الكلام عن القواعد العلمية والأخلاقية في أدب الخلاف.
الاختلاف المحمود :
===============
وهو اختلاف تنوع ، وهو عبارة عن الآراء المتعددة التي تصب في مشرب واحد ، ومن ذلك ما يعرف بالخلاف الصوري ، والخلاف اللفظي ،
والخلاف الاعتباري . وهذه الاختلافات مردها إلى أسباب فكرية ، واختلاف وجهات النظر ، في بعض القضايا العلمية ، كالخلاف في فروع الشريعة ، وبعض مسائل العقيدة التى لا تمس الأصول القطعية .
وكذلك الاختلافات في بعض الأمور العملية ، كالخلاف في بعض المواقف السياسية ، ومناهج الإصلاح والتغيير ، ويدخل في الخلافات الفكرية :
اختلاف الرأ ي في تقويم بعض المعارف والعلوم مثل : علم الكلام والمنطق والفلسفة والتصوف . والاختلاف في تقويم الأحداث التاريخية وبعض الشخصيات التاريخية والعلمية .
وهذا الخلاف ليس فيه مذمة ، وإنما الذم في عدم مراعاة آداب الخلاف العملية والأخلاقية التي سيأتي ذكرها في ثنايا هذا البحث .
وجود الخلاف في خير قرون الأمة :
========================
لقد كان الخلاف موجودًا في عصر الأئمة المتبوعين الكبار : أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد والثوري والأوزاعي وغيرهم . ولم يحاول أحد منهم أن يحمل الآ خرين على رأيه أو يتهمهم في علمهم أو دينهم من أجل مخالفتهم .
بل كان الخلاف موجودًا في عصر شيوخ الأئمة وشيوخ شيوخهم من التابعين الكبار والصغار ، بل كان الخلاف موجودا في عصر الصحابة نظر ًا لاختلاف أفهامهم وتفسيرهم للنصوص .
بل إن الخلاف وجد في عهد النبي(صلى الله عليه و سلم)، فأقره ولم ينكره ، كما في قضية صلاة العصر في بني قريظة ، وهي مشهورة ، وفي غيرها من القضايا.