لقد انتشر الإسلام شرقًا وغربًا، وبلغت دعوته مشارق الأرض ومغاربها، وأظهره الله على الدين كله.
وقد أعلم الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام بذلك كما جاءت بذلك الأحاديث الكثيرة الصحيحة فلم يخف الرؤوف الرحيم -صلوات ربي وسلامه عليه – على أمته من بعده شركًا ولا عبادة للأصنام ولا جاهلية أو وثنية عمياء - كما يدعي البعض - إنما خاف عليها من فتنة الدنيا أن يتوسعوا فيها ويتنافسوا فيها فتكون همهم الأكبر َفبشغلوا بها عن الدار الأخرى وعن طلب مرضاة الله تعالى، فتضلهم كما أضلت من قبلهم وتغويهم وتفسدهم كما أفسدت من قبلهم.
وأنت لو نظرت اليوم إلى الساحة الإسلامية لما وجدت داءً يدمرها من داخلها أشد من هذا الداء فاللهم أخرج حب الدنيا من قلوبنا واجعل حبك داخلها أشد من هذا الداء فاللهم أخرج حب الدنيا من قلوبنا واجعل حبك وحب أحبابك أحب إلينا من أنفسنا وأموالنا ومن الماء البارد على الظمأ فإلى إخوتنا في الله تعالى تقدم لهم هذه الأحاديث فتأملوا يرحمكم الله:
1- عن عقبة بن عامر- رضى الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم خرج يومًا فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف إلى المنبر فقال: " إني فرطكم وأنا شهيد عليكم وغني –والله- لأ نظر إلى حوضي الآن، وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض - أو مفاتيح الأرض - وإني والله - ما أخاف أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها "(1).
2- وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله- صلى الله عليه و سلم-:" إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون، ولكن في التحريش بينهم"(2).
3- وعن أبي هريرة- رضى الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " سألت ربي لأمتي أربع خلال فمنعني واحدة، وأعطاني ثلاثا . سألته ألا تكفر أمتي صفقة واحدة فأعطا نيها، وسألته أن لا يسلط عليهم عدوًا من غيرهم فأعطا نيها، وسألته أن لا يعذبهم بما عذب به الأمم قبلهم فأعطا نيها، وسأ لته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها " (3)
أي فيحتاج الأمر فيه إلى كسب واجتهاد وتيقظ تام.
4- وعن شداد بن أوس- رضى الله عنه- أنه بكى، فقيل له : ما يبكيك؟ قال : شيء سمعته من رسول الله –صلى الله عليه و سلم- فأبكاني . سمعت رسول الله الله –صلى الله عليه و سلم- يقول:" أخوف ما أخاف على أمتي الشرك والشهوة الخفية . قلت: يا رسول الله أتشرك أمتك من بعد؟! قال: نعم، أما إنهم لا يعبدون شمسًا ولا قمرًا ولا حجرًا ولا وثنا ولكن يراؤون بأعمالهم..."(4) الحديث
فيا عجبًا كيف يخاف بعض الناس على أمة المصطفى –صلوات الله وسلامه عليه- ما لم يخفه عليها كيف نتهمها. بما برأهم منه … اللهم غفرانك..
وصدق الله إذ يقول:" يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن إثم" وإذ يقول:" فبما رحمة من الله لِنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر"
================================================
1- أخرجه البخاري(4085) ومسلم (2296).
2- أخرجه مسلم (2812) – ط دار الخير- وغيره.
3- أخرجه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات، ورواه البزار إلا أنه قال : سألت ربي ثلاثا قال الحافظ الهيثمي في المجمع(222\7).
4- أخرجه ابن ماجه(4205) قال البوصيري : هذا إسناد فيه مقال عامر بن عبد الله لم أر من تكلم فيه بجرح ولا غيره وباقي رجال الإسناد ثقات وله شاهد من حديث محمود بن لبيد ...إلخ(المصباح 297\3) وقد أخرجه أحمد والحاكم في المستدرك أيضًا