أما الضابط الأول: فهو التثبت من نسبة الكفر إلى المسلم.
ينبغي قبل التسرع بتكفير المسلم التثبت والتحقق في ما ينَقلُ من قول أو فعل أو اعتقاد يقتضي تكفيره، وينبغي أن يتأكد المنقول إليه من أمانة الناقل، ودينه وورعه، وصدقه …
وأن يراعي - كما نبه عليه الإمام تاج الدين السبكي - ملاحظة العداوة بين الناقل والمنقول عنه، أو إذا كان هناك نوع حساسية أو
اختلاف في المشرب العلمي بينهما، أو اختلاف في المذهب، أو اختلاف في الاجتهاد الفقهي …
ينبغي أن يراعي كل ذلك لأن العداوة في كثير من الأحيان تكون سببًا للتحامل . فالمسلم قبل أن يتسرع بالحكم على مسلم بعينه نقل إليه
أنه وقع في الكفر، لابد له أن ينظر في حال الناقل، وأن لا يتسرع بتكفير ذلك المسلم قبل أن يتأكد من دين الناقل وورعه وإنصافه وموضوعيته.، ولو نقل عن مسلم شيء ما يقتضي تكفيره وكان الناقل عدلا فينبغي أن يقتصر المنقول إليه الكفر عن ذلك المسلم على تكفير المقالة لا القائل، حتى يتثبت هو شخصيًا من ذلك أو حتى يقرأ هو بنفسه كلامه، إن كان مكتوبًا بالكتب، بعد أن يحيط ويلم بجميع جوانب الموضوع الذي تكلم فيه ذلك الكتاب،خاصة إذا كان الكاتب معروفًا بعدالته ودينه وإمامته في الدين ودفاعه
عن الإسلام وجهاده في سبيل الله سبحانه وتعالى.
إذًا: هذا هو الضابط الأول، ومن المعلوم بالمناسبة أن القاضي إذا نقل إليه ما يقتضي تكفير المسلم.. فإنه لا يقضي بتكفيره إلا بأحد أمرين:
إما بإقرار ذلك المكفَّر، وإما بشهادة عدلين منصفين، وحينئذ يستفصلهما عن سبب الردة، فإذا ما قام عنده الدليل القطعي اليقيني أن ذلك موجب للردة، فإنه يستدعيه ويستتيبه، فإن أبى فحينئذ يحكم بقتله