ورد في فَْضل الصوم وثَوَابِه كثير من الأحاديث النبوية، من ذلك ما ورد في بيان حصول الفرح والسعادة للإنسان في الدنيا والآخرة؛ وذلك بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لِلَّصائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ » (52).
وورد أن الصوم يُبْعِد عن النار بكل يوم سبعين سنة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنَْ صامَ يَوْمًاَ سبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارَِسبْعِينَ خَرِيفًا » (53).
وورد أن الصوم يَُشرف الإنسانَ في الآخرة بدخول الجنة من باب يسمى الرَّيَّان، وهو باب خاص بالصائمين، قال صلى الله عليه وآله و سلم:ِ« إنَّ في الجنةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الَّصائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يَدْخُلُ مَعَهُمَْ أحَدٌ غَيرهْمْ، يُقَالُ:َأيْنَ الَّصائِمُونَ؟ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ، فَِإذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ أغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهَُ أحَدٌ » (54).
وورد أن الصوم يرضي الله تعالى عن الصائم وعن رائحة فمه -رغم كراهة النا س لها– قال صلى الله عليه وآله و سلم: «والذي نَفِْسي بِيَدِهِ لَخلُوفُ فَمِ الَّصائِمَِ أطْيَبُ عِنْدَ الله تَعَالَى مِنْ رِيحِ اْلمسكِ » (55).
وورد أن الصوم له ثواب ومزية على سائر الأعمال، قال صلى الله عليه وآله و سلم: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يَُضاعَفُْ الحسنَةُ عََْشر أمثَالِهَاِ إلَىَ سبْعِمِائَةِِ ضعْفٍ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:ِإلَّا الَّصوْمَ، فَِإنَّهُ وََأنَاَ أجْزِي بِهِ، يَدَعُ َشهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنَْ أجْلِي » (56).
ومعنى قوله:ِ« إلَّا الَّصوْمَ فَِإنَّهُ لي »ِ أي: خالص لي لا يُقَصد به غيري؛ لأنه عبادة لا يقع عليها حواس العباد فلا يعلمه إلا الله والصائم، فصار الصوم عبادة بين العبد والرب؛ فلذلك أضافه إلى نفسه وجعل ثوابه بغير حساب؛ لأنه لا يتأدى إلا بالصبر، وقد قال تعالى: {ِإنما يُوَفَّى الَّصابِرُونََ أجْرَهُمْ بِغَر حَِسابٍ}[الزمر: 10 ]،
والصبر ثلاثة أنواع:
Uصبر على طاعة الله، وصبر على محارم الله، وصبر على الآلام والشدائد، وكلها توجد في الصوم؛إذ فيه صبر على ما وجب على الصائم من الطاعات، وصبر عما حرم عليه من الشهوات، وصبر على ما يصيبه من ألم الجوع وحرارة العطش وضعف البدن؛ طلبًا لرضى الله تعالى، فلما كان في الصوم هذه المعاني خصه الله تعالى بذاته، ولم يَكِلْه إلى الملائكة، بل تولى جزاءه بنفسه، فأعطى الصائم أجرًا من عنده ليس له حد ولا عدد،
فقال: «وََأنَاَأجْزِي بِهِ » يعني:أكون له عنصومه على كرم الربوبية، لا على استحقاق العبودية.
وقال أبو الحسن: معنى قوله «وَأنَاَأجْزِي بِهِ »: كل طاعة ثوابها الجنة، والصوم جزاؤه لقائي،أنظرإليه وينظرإليَّ، ويكلمني و أكلمه، بلا رسول ولا ترجمان( 57 ).
====================================
(52) أخرجه البخاري ( 2/ 673 )، ومسلم ( 2/ 806 ).
(53) أخرجه البخاري ( 3/ 1044 )، ومسلم ( 2/ 808 ).
(54) أخرجه البخاري ( 2/ 671 )، ومسلم ( 2/ 808 ).
(55) أخرجه البخاري ( 2/ 670 )، ومسلم ( 2/ 806 ).
(56) متفق عليه (سبق تخريجه).
(57) ينظر: مرشد العوام في أحكام الصيام (ص 17 ).