قدم مسافر فيما مضى على أهله فسروا به، وهناك امرأة من الصالحات فبكت، وقالت: أذكرني هذا بقدومه القدوم على الله عز وجل، فمن مسرور ومثبور.
قال بعض الملوك لأبي حازم: كيف القدوم على الله تعالى؟ فقال أبو حازم: أما قدوم الطائع على الله تعالى فكقدوم الغائب على أهله المشتاقين إليه، وأما قدوم العاصي فكقدوم العبد الآبق على سيده الغضبان.
لعلك غضبان وقلبي غافل ** سلام على الدارين إن كنت راضيا
في بعض الآثار الإسرائيلية يقول الله عز وجل: ألا طال شوق الأبرار إلي، وأنا إلى لقائهم أشد شوقا.
كم بين الذين {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 103] وبين الذين يُدَعُّون إلى نار جهنم دعا قال علي رضي الله عنه: تتلقاهم الملائكة على أبواب الجنة: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73] ويلقى كلُّ غلمانٍ صاحبَهم يُطيفون به فعل الولدان بالحميم جاء من الغيبة، ويقولون: أبشر فقد أعد الله لك من الكرامة كذا وكذا، وينطلق غلام من غلمانه إلى أزواجه من الحور العين، فيقول: هذا فلان باسمه في الدنيا، فيقلن: أنت رأيته؟ فيقول: نعم، فيستخفهن الفرح حتى يخرجن إلى أسكفة الباب.
قال أبو سليمان الداراني تبعث الحوراء من الحور الوصيف من وصائفها فتقول: ويحك انظر ما فُعِل بِوَلِي الله؟ فتستبطئه، فتبعث وصيفا آخر، فيأتي الأول فيقول: تركته عند الميزان، ويأتي الثاني فيقول: تركته عند الصراط، ويأتي الثالث فيقول: قد دخل باب الجنة، فيستخفها الفرح فتقف على باب الجنة، فإذا أتاها اعتنقه، فيدخل خياشيمه من ريحها ما لا يخرج أبدا.
قد أزلفت جنة النعيم فيا**طوبى لقوم بربعها نزلوا
أكوابها عسجد يطاف بها**والخمر والسلسبيل والعسل
والحور تلقاهم وقد كشفت**عن الوجوه بها الأستار والكلل
-----------------------------------
من كتاب لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف للحافظ ابن رجب الحنبلي.