و يقول مترجمه- أي أمية بن أبي الصلت- في دائرة المعارف الإسلامية:
إنه يمكن قسمة قصائده بحسب موضوعها إلى قسمين كبيرين : أصغرهما يتكون من قصائد و أبيات قيلت في مدح أشخاص ، و بخاصة في مدح رجل من أغنياء مكة هو عبد الله بن جدعان ، و هي لا تختلف في جوهرها و نظائرها عند غيره من شعراء العرب القدماء.
أما القسم الأكبر الذي يبدأ بالقصيدة الثالثة و العشرين من طبعة شلتس فليدل دلالة كاملة على النزعة التي يمكن تسميتها بالحنيفية.
و أساسها القول بإله واحد ، و هو رب العباد ، و نرى فيها صوراً شبيهة بالوحي عن مقام الله و ملائكته ، و حكايات عن الخلق و آراء تتعلق بيوم القيامة و الجنة و النار ، و فيها دعوة إلى عمل الخير ، و إشارات إلى عبر أخد بعضها من أخبار العرب عن عاد و ثمود ، و بعضها من قصص التوراة عن الطوفان و إبراهيم و لوط و فرعون.
و أبن أبي الصلت مولع إلى جانب هذا بقص الحكايات على ألسنة الحيوانات ، و نلا حظ في شعره أيضا ذكراً للأعمال السحرية.
و كان أمية – كما كان زيد – يريد دين إبراهيم ، فلم يكن يهودياً و لا نصرانياً و مما يثبت هذا في غير لبس و لا إبهام قوله :
كل دين يوم القيامة عند الله إلا دين الحنيفة زور و لكنه – على خلاف ما كنا نتوقع – قد عادى الرسول ، و حاربه فغلبت عليه شقوته ، و صح فيه قول رسول الله :
"آمن شعره و كفر قلبه ".
و يخيل إلينا أنه قد ندم في آخر حياته ندماً شديداً على موقفه ذاك من الرسول ، فتمنى أن لو كان – بدل معرفته و علمه – راعياً في رؤوس الجبال يرعى الوعول ، لقد قال و هو على فراش الموت هذا الشعر البائس الحزين:
كـل عيش و إن تطـاول دهـراً**منتهــى أمـره إلى أن يـزولا
ليتني كـنت قبل مـا قد بـدا لي**في رؤوس الجبال أرعى الوعولا
اجعل الموت نصب عينيك و احذر**غـولة الدهـر إن للدهـر غولا