على أن الذي ينبغي أن يلاحظ أن جزيرة العرب لم تكن كلها وثنية : كانت النصرانية في ربيعة و غسان ، و بعض قضاعة .
و كانت اليهودية في حمير و بني كنانة و بني الحارث بن كعب و كندة.
و كانت المجوسية في في تميم: منهم زرارة ، و حاجب بن زرارة ، منهم الأقرع بن حابس كان مجوسيا.
و كانت الزندقة في قريش أخذوها من الحيرة (1) .
و من العرب من كان يدين بالرجعة : يقول صاحب لسان العرب : و الرجعة مذهب قوم من العرب في الجاهلية معروف عندهم .
و لم يكن القول بالجبر أو القول بالاختيار بعيدا عن العقلية العربية :
يقول يحيى بن متى راوية الأعشى : كان الأعشى قدرياً و كان لبيد مثبتاً ، قال لبيد :
من هـداه سبـل الخيـر اهتـدى**نـاعم البـال و من شـاء أضـل
و قال الأعشى :
استـأثر الله بالوفــاء و بالعـدل**و ولــى المـلامـة الرجــل
و الحق : أن جزيرة العرب لم تكن – كما يظن عادة – بمنأى عن التفكير الديني القوي إنكاراً أو جحوداً ، أو إثباتا و تأييداً ، و سنرى فيما بعد إيضاحاً لجوانب أخرى من تفكيرهم الديني عندما نتحدث عن موقف القرآن منهم .
-----------------------------------
(1) ابن قتيبة : كتاب المعارف .