فلما أخذتهم الحجة من جميع أقطارهم و رأوا أنهم أضعف من أن يغلبوا بالمنطق أعرضوا و قالوا:
( قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه ، و في آذاننا وقر و من بيننا و بينك حجاب ، فاعمل إننا عاملون ) (1)
فيذكرهم القرآن موقف الأمم قبلهم ، و ينذرهم بعذاب : كما هي سنته مع هذا النوع من المعاندين.
( فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عادٍ و ثمود ) فصلت/13.
حقاً لقد كانت خصومة العرب للرسول صلى الله عليه و سلم عنيفة قوية ، و لقد صورها القرآن في قوتها و في عنفها ، و لم يأب أن يذكر ما فاهت به العرب مما يسئ الرسول صلى الله عليه و سلم ، فذكر وصفهم لهم بالجنون ، و بالشعر ، و أنه ساحر أو مسحور ، و بأنه ليس من عظماء القريتين (2) و بأنه يأخذ القرآن عن غيره ، أو بأن القرآن ليس إلا سحراً ، أو أساطير الأولين ، اكتتبها فهي تملى عليه بكرة و أصيلاً.
ذكر القرآن كل ذلك ، و صور الخصومة في عنفوانها عارضاً أدلة الجاحدين ذلك أن القرآن هداية الله ، و هدايته سبحانه و تعالى: هي الحق الذي يقذف على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق.
_______________
(1) سورة فصلت آية : 5.
(2) مكة و الطائف.