و نرى أن الدقة البالغة في التعبير تقتضي التغيير في كل حرف يتم .. و في كل كلمة تقال .. بل في نفس الكلمة مثلا .. مثل سقيناهم .. و أسقيناهم .. سقيناهم متعديا .. و أسقيناهم متعديا ..
" سقاهم ربهم شرابا طهورا "
هذا قول الله سبحانه و تعالى .. و في آية أخرى يقول الله سبحانه و تعالى:
" و إن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم "
لماذا لم يقل لو استقاموا على الطريقة لسقيناهم .. مع أن سقى و أسقى بمعنى واحد .. و اللفظان يتعديان لمفعولين .. ما هو الخلاف .. هل هي مجرد مترادفات .. أم ألفاظ تتغير حتى لا تتكرر نفس الألفاظ .. أبدا .. كل تغيير له حكمة .. كل تغير يحدد معنى معينا لا يحدده غيره .. و نحن حين نأتي و نتابع القرآن الكريم نجد أن سقى تستخدم في الأمر الذي ليس فيه كلفة و لا علاج .. و أسقيناهم في الأمر الذي فيه كلفة و علاج .. هذا في أمور الدنيا ..
" أسقيناهم ماء غدقا "
أمر فيه كلفة .. فيه جهد .. نحن أوجدنا لهم الماء و جعلناه متوافر لديهم بلا تعب و لا نصب .. فهو موجود في البئر .. و لكن لكي تتم السقيا يجب أن يذهب الإنسان إلى البئر ليشرب .. أو أن يحضر له إنسان آخر الماء .. إذن هنا في أسقيناهم .. رغم أن الماء موجود بقدرة الله سبحانه و تعالى .. و متوافرة بقدرة الله سبحانه و تعالى .. إلا أن عملية السقا فيها عمل من الإنسان .. أو جزء من العمل .. فإذا أتينا إلى كلمة سقيناهم .. نجد الله سبحانه و تعالى يقول:
" و سقاهم ربهم شرابا طهورا "
هذا في الجنة .. بمجرد الخاطر ليس فيه كلفة .. إذا أحسست بالعطش وجدت الماء أمامك يصل إلى فمك .. هنا في الآخرة لا يوجد أي جهد و لا أي كلفة للإنسان في أي عمل يعمله .. فكل شئ في الجنة متى تمناه الإنسان وجده حاضرا أمامه .. إذن فقول الله سبحانه و تعالى ..
" و سقاهم ربهم شرابا طهورا "
معناه أن السقية هنا في الجنة ليس فيها أي جهد .. و لا أي كلفة .. و لذلك فرق الله سبحانه و تعالى بين السقيين .. رغم أنه هو الذي أوجد الماء أو ما يتم شربه في الحالتين ..