إذا أحببت أن تقرأ تفسيراً كاملا للقرآن لا تجد فيه خرافة ولا أسطورة ولا شيئاً من الإسرائيليات المذمومة التي حشيت بها التفاسير – فعليك بكتاب الإمام القاسمي "محاسن التأويل" الذي فسر به القرآن الكريم تفسيراً يعتبر نموذجياً إلى حد كبير ...
وقد تحدث القاسمي في مقدمة تفسيره فقال يعد أن أثنى على القرآن:
(وأنى كنت حركت الهمة إلى تحصيل ما فيه من الفنون والاكتحال بإثمد مطالبه لتنوير العيون ، فأكببت على النظر فيه ، وشغفت بتدبير لآلئ عقوده ودراريه ، وتصفحت ما قدر لي من تفاسير السابقين وتعرفت – حين درست – ما تخللها من الغث والسمين – ورأيت كلا – بقدر وسعه – حام حول مقاصده ، وبمقدار طاقته جال في ميدان دلائله وشواهده ، وبعد أن صرفت في الكشف عن حقائقه شطراً من عمري ، ووقفت على الفحص عن دقائقه قدرا من دهرى أردت أن أنخرط في سلك مفسريه الأكابر قبل أن تبلى السرائر وتفنى العناصر) .
وقد استخار الله تعالى في تسميته وتأليفه ، ثم شرع في تنفيذ ما عزم عليه ، فكان هذا الكتاب الجليل.
وكان شروعه في هذا التفسير بعد تكرار الاستخارة في العشر الأول من شوال سنة ست عشرة وثلثمائة وألف من الهجرة .. وكان هذا العمل الجليل تفسيراً حافلاً في سبعة عشرة مجلداً ، سد فراغاً وحقق نفعاً للعامة والخاصة ونفع الله به المسلمين.
والناظر في هذا التفسير يجد أن مؤلفه قد أفرد جزءاً كاملاً مقدمةً لتفسيره ، وفي هذه المقدمة يتجلى منهجه في التفسير ، بل في التأليف عموماً.
لقد ناقش قضايا عامة وخطيرة فيما يتصل بالتفسير ، ونقل آراء كثيرة من مشاهير العلماء في الأصول والتفسير وسائر العلوم القرآنية.
لقد تحدث عن مصادر التفسير وعد أن أصولها أربعة:
الأول: النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى المفسر بطريق النقل أن يحذر من الضعيف والموضوع.
الثاني: الأخذ بقول الصحابي، إذ هو المعاصر للتنزيل والتفاهم لجو القرآن .
الثالث: الأخذ بمطلق اللغة.
الرابع: التفسير بما يقتضيه معنى الكلام ومفهوم الشرع.
ومصادر مقدمته غالباً من الشيوخ المعروفين:
الإمام الشاطي والإمام ابن تيمية وشذرات من كلام العزيز بن عبد السلام ، وكذلك الإمام الغزالي والراغب الأصفهاني وبعض العلماء المحدثين مثل الشيخ محمد عبده والشيخ رشيد رضا.
لقد كان الإمام القاسمي بوفرة اطلاعه ودقة فهمه وأمانته في النقل – ينتقي أجود الأقوال فيما يختص بموضوع بحثه ، ثم ينقله في كتب.