Mohammed Ali عضو الماسي
| موضوع: القدس في الحضارة الإسلامية2 المكانة والتاريخ الأحد مايو 06, 2012 10:37 am | |
| تعد القدس من أقدم مدن الأرض عبر التاريخ; فقد هدمت وأعيد بناؤها أكثر من ثماني عشرة مرة في التاريخ, وترجع نشأتها إلي خمسة آلاف سنة قبل الميلاد; أسسها العرب اليبوسيون الذين نشأوا في صميم الجزيرة العربية, ونزحوا مع من نزح من العرب, وبنوا مدينة القدس وأطلقوا عليها اسم مدينة السلام.
ويعتقد المؤرخون أن أصل جميع سكان قطاع القدس يرجع إلي أصل كنعاني, وأن لغتهم الأصلية كانت الكنعانية, ومع الفتح البابلي انضمت اللغة الفارسية إليها كلغة رسمية, وكان الكنعانيون في بادئ الأمر رعاة, ولما استقربهم الأمر في فلسطين سميت باسمهم كنعان, وقد أجمع المؤرخون علي أن أول آثار عرفت في فلسطين كانت لهم; حيث كانوا أول ساكني فلسطين بعد نزوحهم من شبه الجزيرة العربية.
ولا شك في أن القدس إسلامية الأصل; فقد أرسل الله عز وجل جميع الأنبياء بدين واحد وهو الإسلام, قال تعالي:'إن الدين عند الله الإسلام',[ آل عمران:19]; فالإسلام هو الدين الأول; فإنه لما أرسل الله عز وجل نوحا عليه السلام أرسله بالإسلام دينا خالصا, قال سبحانه علي لسان نوح: 'فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا علي الله وأمرت أن أكون من المسلمين', [يونس:72], وقال أيضا: 'ووصي بها إبراهيم نبيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفي لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون', [البقرة:132], وعن لوط عليه السلام قال:'فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين',[ الذاريات:36].
والمسجد الأقصي هو أقدم المساجد التي عمرت لعبادة الله وحده بعد المسجد الحرام; ولذا كثر تردد الأنبياء جميعا عليه وصلاتهم فيه; فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: - اقتباس :
- بيت المقدس بنته الأنبياء وعمرته, وما فيه موضع شبر إلا وقد سجد عليه نبي أو قام عليه ملك, الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل[239/1].
وعند الحديث عن بناء المسجد الأقصي نجد أن هذه المسألة شغلت العلماء والمؤرخين المسلمين كثيرا; حيث اختلف فيمن أقام بناءه الأول: فالرأي الأول: أن آدم عليه السلام هو الذي أسس كلا المسجدين, ذكر ذلك العلامة ابن الجوزي, ومال إلي ترجيح هذا الرأي الحافظ ابن حجر في الفتح, واستدل له بما ذكره ابن هشام في كتاب التيجان - اقتباس :
- أن آدم لما بني الكعبة أمره الله بالسير إلي بيت المقدس, وأن يبنيه فبناه ونسك فيه, وهذا القول أثبت ـ كما قال الحافظ في الفتح ـ وعليه فإن الذي أسس المسجد الأقصي هو آدم نفسه أو أحد أبنائه; لأن المدة الفاصلة بين المسجدين أربعون سنة فقط.,[فتح الباري409/6].
الثاني: أن الخليل إبراهيم عليه السلام هو الذي أسس المسجد; لأن بناءه للمسجد الحرام مشهور بنص القرآن, وإذا ثبت بالنص أنه بني الكعبة, فإن بناءه للمسجد الأقصي محتمل راجح لقرب العهد بين المسجدين, وممن نصر هذا القول الشيخ ابن تيمية حيث قال: والمسجد الأقصي صلت فيه الأنبياء من عهد الخليل,[مجموع الفتاوي258/27], وفي موضع آخر قال: فالمسجد الأقصي كان من عهد إبراهيم عليه السلام,[مجموع الفتاوي251/27].
وقد أكد أحد الباحثين المتخصصين في الهندسة علي وجود تشابه هندسي تام بين بناء الكعبة المشرفة وبناء المسجد الأقصي المبارك, وباستخدام برامج هندسية ثلاثية الأبعاد وبإهمال المساحتين المختلفتين للكعبة والمسجد الأقصي وضح الباحث بالخرائط والصور تطابقا تاما في زوايا البناءين الأربع; مما يدعم بمزيد من الأدلة العلمية فرضية بناء آدم عليه السلام للمسجدين, وتحديد حدودهما بوحي من الله عز وجل, وهي الحدود التي مازال المسجد الأقصي يحتفظ بها حتي يومنا هذا.( مجلة دراسات بيت المقدس, عدد عام2000 م).
وحيث إن أصل رسالة كل نبي هو الإسلام, فاللازم لذلك أن المسجد الأقصي إسلامي النشأة; والأنبياء أبناء علات دينهم واحد وقد تختلف شرائعهم, ولا يكتمل إيمان أحد إلا إذا آمن بجميع رسل الله وكتبه, قال تعالي: ' آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله', [البقرة:285].
وقد عزز إسلامية القدس أنها كانت القبلة الأولي للمسلمين; فقد استمر الرسول صلي الله عليه وسلم وصحبه نحو ستة عشر شهرا يتجهون إلي بيت القدس في صلاتهم; حتي جاء الأمر بتحويلها إلي بيت الحرام بقوله تعالي: ' قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره',[ البقرة:144] ونقل القبلة من المسجد الأقصي إلي الكعبة لم يغير مكانة القدس بين المقدسات الإسلامية إذا ظلت كما هي أولي القبلتين وثالث الحرمين. بدليل قوله صلي الله عليه وسلم: صلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة, وفي مسجدي هذا بألف صلاة, وفي بيت القدس بخمسمائة صلاة, [مجمع الزوائد7/4]. ---------------------------------------------------- بقلم: د. علي جمعة | |
|